خواطر إقتصادية

د. فاضل عباس مهدي: خواطر عن ارقام الانفاق الكلي في الموازنتين 2013 و2014 وعن ضعف السياسات الماكروية والتجارية

ورد في الخبر  المرسل الينا من زميلنا د. بارق شبر[1] عن جريدة الاخبار والمنسوب الى السيد علي الموسوي ، المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء [2]حول مسببات التاخر  في ارسال مشروع الموازنة المالية 2014 الى مجلس النواب بان اللجنة المالية هناك لها رأي حول الزيادة المعنية بالموازنة والتي ذكرتها الجريدة على انها 10 % عن عام  2013.  وقد قمنا بالتدقيق بالارقام من اكثر من مصدر فتبين لنا من جريدة الصباح الرسمية بأن رقم الانفاق المبرمج هو قرابة 174 ترليون دينار وذلك نقلا عن رئيس اللجنة المالية البرلمانية الدكتور حيدر العبادي وايضا عن عضو اللجنة المالية هيثم الجبوري .[3]  واذا كان هذا هو تفكير الاوساط الرسمية للحكومة او تلك المقربة منها ، فحينذاك علينا ان  نبدي شديد قلقنا كاقتصاديين حول كيفية  التعامل مع الارقام الخاصة بالانفاق ضمن الموازنات العامة وايضا حول قلة ادراك اهمية هذه الارقام من قبل بعض المعنيين بصياغة السياسة المالية للبلاد.

يورد  خبر صحيفة الاخبار عن مشروع  موازنة  2014   ان انفاقها الكلي مقدر  ب 174.6 ترليون دينار وبانه سيزداد عن رقم موازنة 2013 ب 10 % فقط لا غير وهذا الرقم الاخير ، اي 10%، هو الاخر مدعاة للقلق حول عدم تدقيق الارقام من قبل بعض الصحفيين فعند تدقيقنا لارقام الانفاق المبرمج بموازنة عام 2013  حسبما هو مدرج في قانونها المنشور رقم 7 والصادر في 25  اذار 2013 ، وجدنا  رقما رسمياً قدره 138.4 ترليون دينار  كما لم نعثر، بعد التدقيق بالانترنت،  على اية موازنة تكميلية مقرة من مجلس النواب للعام 2013.

معنى ذلك ان الزيادة المقترحة في الانفاق في مقترح موازنة 2014  عن الانفاق المبرمج ضمن موازنة 2013 هي 36.2  ترليون دينار ونسبة زيادتها المئوية  هي  26.2 بالمائة  عن رقم الانفاق المبرمج لـ 2013 .

النسبة الحقيقية  المبرمجة للزيادة في الانفاق اذن لا تمت بصلة الى الـ 10 % التي اشارت اليها الأخبار دون تدقيق والتي كانت قد تبدو مقبولة  للقراء وللاقتصاديين منا بشكل خاص.

وتشير هذه الارقام  سواء التي نشرتها الاخبار او التي ادلى بها كل من عضو ورئيس اللجنة المالية في البرلمان لجريدة الصباح الى عدم ادراك المعنى الاقتصادي لهذه الارقام،  فنسبة زيادة ضخمة للانفاق بمعدل 26.2 % خلال سنة واحدة ستعني احد امرين:

الامر الاول سيتحقق في حالة الضغط على الاستيراد  – هنا ستتوالد ضغوط تضخمية قوية نتيجة القفزة في  تزايد الطلب الكلي عن المعروض  محليا بنسبة عالية قدرها 26.2 % في خضم سنة واحدة.

اما الامر الثاني فسيتحقق ان استمر فتج باب الاستيراد على مصراعيه  – هنا سيتم امتصاص الكثير من الطلب العراقي من قبل المصدٍرين الينا من الدول الشريكة تجاريا وستخف ، عندذاك ، الضغوط التضخمية الحادة ولكن  بثمن باهظ للعراق واقتصاده.

وعلى الارجح سيستمر باب الاستيراد غير المنضبط مفتوحاً على مصراعيه  في سنة الانتخابات 2014 ليستمر تسرب ايرادات العراق من النفط الى خارج البلاد، وعلى نطاق واسع،  فنستمر بانتاج النفط  الناضب كي نمول المستوردات  والتي ستكون نسبة كبيرة منها سلعا استهلاكية وذلك على حساب تنمية الانتاج الوطني من القطاعات الاكثر استدامة.

السنا  اذن محقين في القول بوجود  ضباب كثيف في  حقل المعارف الاقتصادية  وبمكنونات الارقام ؟   الا ينعكس  هذا ايضا بتخبط   واضح في السياسات التنموية عندما  تخطط وزارة المالية  لطفرة كبيرة في حجم الانفاق المبرمج ليترجم هذا التخبط في صياغة السياسة الماكرو- اقتصادية  بتخبط اخر في السياسة التجارية  وبثمن غال لميزان المدفوعات ولنمو القطاعات الانتاجية العراقية ايضاً ؟

الا يمكن القول ان  انعدام الالمام بالعلوم الاقتصادية  وعدم ادراك مكنونات الارقام صارا متفشيين  وان ثمن ذلك كله  باهض للعراق واقتصاده؟

*) باحث وخبير إقتصادي دولي سابق لدى الامم المتحدة

الهوامش


[1]  في اطار منتدى الحوار العلمي لشبكة الإقتصاديين العراقيين

[2][2] راجع الاخبار – مستشار المالكي : تأخر تقديم الموازنة لعدم جاهزيتها وفيها مشاكل مع الاقليم السبت 16 نوفمبر / تشرين الثاني 2013

[3] راجع الصباح – آلاء الطائي – تحذيرات نيابية من تأخير إقرار الموازنة 17/11/ 2013

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (2)

  1. dr.schuber
    dr.schuber:

    Test 28.12.2013

  2. dr.schuber
    dr.schuber:

    test 27.12.2013

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: