الاقتصاد العراقي الكلي

د.صباح قدوري: ملاحظات ومقترحات بشأن اقتصاد العراق للحكومة المرتقبة

Iraqi Economists Network

– خلف النظام الديكتاتوري السابق، بعد سقوطه في عام 2003 ، تركة ثقيلة ومتعددة الابعاد والاثار على كل الميادين السياسية والاقتصادية/الاجتماعية والثقافية في العراق.كان المفروض من الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال عام 2003 ولحد الان ،ان تتبني رؤية واستراتيجية شفافة للبناء الوطني، تهدف الى التخلص من اثار وعيوب النظام السابق،وتطرح منهجا سياسيا واقتصاديا شفافا يتلاءم مع حاجات البلد ومستوى التطور الاجتماعي والقانوني والتنظيمي للمجتمع، وموارده المتوفرة ، وتفعيل دور الدولة ،مع اعطاء دور حقيقي لمساهمة القطاع الخاص في تنشيط الاقتصاد،وكذلك الاتفاق على معظم الأوليات الواجب تنفيذها لازالة التخلف ولانماء الاقتصاد ومعالجة الفقر والبطالة ولتقديم الخدمات وبناء واعادة بناء البني التحتية وادخال التكنلوجيا الحديثة وكل ما يلبي طموحات عملية التنمية الوطنية المستدامة ،ولكن لم يتحقق توافق على البرامج المطلوبة لبلوغ هذه الغايات.

 

2- يتوقع من الحكومة الجديدة مهمات جسيمة وجدية لتنفذها خلال الأربع سنوات القادمة من عمرها. فعليها ان تبادر من الان بمشروع اصلاح الاوضاع العامة، وتامين الامن والاستقرار ، والعمل الجاد لترسيخ مفاهيم المواطنة والوطنية بدلا عن مفاهيم الطائفية والمذهبية والاثنية الممارسة منذ الاحتلال ولحد اليوم، واجراء تغييرات ضرورية في البنية الاقتصادية/ الاجتماعية والثقافية ، على وفق رؤية واضحة ونوايا حسنة تجاه البلد والشعب العراقي، والتمسك بالمفاهيم الديمقراطية الحقيقية وتكافؤ الفرص بين المواطنين، وممارستها في المجتمع والسياسة ،واتخاذ خطوات اجتماعية وتقدمية ، وتاكيد السيادة الوطنية.

 

3- منذ ثلاثة عقود، وكما هو معروف ، بان السياسة الاقتصادية العراقية تجاه التنمية الوطنية المستدامة ولحد اليوم تميزت ببعض الملامح (من دون الدخول في التفاصيل)، نوردها، كالاتي:-

 

– انعدام رؤية شفافة واستراتيجية و/أوايدولوجية واضحة  في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.

– بقاء العراق على حالتة كاقتصاد ريعي بدلا عن تحوله الى اقتصاد منتج للقيمة المضافة، والذي يشترط وجود استثمارات ضخمة يحتاجها البلد وخاصة في مجال بناء وإعادة بناء البنى التحتية، ولادخال التكنلوجيا الحديثة، وتاهيل القطاع النفطي، والنهوض بالقطاعات الإنتاجية ، وفي مقدمتها القطاعين الصناعي والزراعي، وتفعيل التجارة ووضعها بخدمة الخطط التنموية العامة.

– تعرض البني التحتية للدمار، نتيجة الحروب العبثية للنظام الديكاتوري المقبور ولاحتلال العراق، والحصار الجائر الذي فرض على البلاد وطال امده ل13 سنة..

– ضعف مساهمة القطاع الاقتصادي الانتاجي في تركيبة الناتج المحلي الاجمالي.مما خلف خللا بنيويا في تركيبة الموازنة ، بسبب تفاوت كبير في نسبة توزيع نفقات الموازنة بين الانفاق العام التحويلي والتشغيلي الذي يمثل بحدود70 % ،فيما الانفاق الاستثماري العام كان بحدود 30%.

– التردي المريع والمتفاقم للخدمات البلدية، والصحة ، والتعليم، والماء والكهرباء ، وغيرها.

–  بلوغ نسبة البطالة بحدود 20% من قوة العمل ، وان نسبة مستوى خط الفقر وصلت الى اكثر من 20% ، اي اكثر من 6 ملايبن من سكان العراق البالغ 34 مليون نسمة.

– تزايد حدة الاستقطاب الاجتماعي،ما ادى الى تقسيم المجتمع ، ونجم عنها فجوة كبيرة بين الفقراء والاغنياء، مسببا تركز الثروة بشكل كبير في يد الفئات المتنفذة في قمة الهرم الحزبي والاداري العام .

 وهي التي تسيطر على الميول الاقتصادية ، ورسم اتجاهاتها العامة.

ان الحزبية والمحسوبية وضعف الرقابة المالية ، تقف وراء الفساد الاداري والاقتصادي المستشري على معظم المستويات الادارية والحزبية. ان الانشغال والمبالغة بمفهوم الخصخصة وانتهاج فقط سياسة اقتصاد السوق، اي (نظرة الاقتصاد النقدي، بدلا عن الاقتصاد الاجتماعي)، قد يشجع في هذه الحالة على مزيد من الفساد الاقتصادي والاداري.

– غلبة طابع النشاط الاقتصادي الاستهلاكي ، وتراجع تدريجي للاقتصاد الانتاجي الزراعي والصناعي  واثره على الطبقة العاملة والفلاحين ، ما يفضي  الى تراجع القوى الاجتماعية الداعمة والمساهمة لاستراتيحية التنمية الوطنية المستدامة.

– ضعف مساهمة النظام الضريبي في تركيبة الموازنة العامة، وذلك لان الايرادات الناجمة عنها هي في تناقص مستمر، بسبب صعوبة الجباية ولانتشار الفساد الاداري والمالي في اجهزتها .اما ايرادات الرسوم الجمركية فتخضع لشروط المنظمات المالية والنقدية الدولية منها منظمة التجارة الدولية التي تهدف الى ازالة الحواجز الجمركية بمرور الزمن.

 

4- ادت هذه السياسة عبر العقود الثلاثة ، عدا عن فترة( 1973- 1979 ) ، ومن ثم الحرب العراقية – الايرانية التي امتدت ثماني سنوات ، وكلفت مئات المليارات من الدولارات.كما وهدر نحو 500 خمس مئة مليار دولار امريكي من موارد الدولة العراقية منذ احتلال في 2003 وحتى الان، ولم تستثمر منها الا مبالغ قليلة جدا في التنمية الوطنية ، مما ترك اثار سلبية كبيرة وعميقة على  الحالة الاقتصادية والطبقات الاجتماعية، مما ادى الى ظهور تفاوت في الدخول للطبقة المتوسطة.

يمكن تعبير عنها بالاتي:-

 

– نمو فئة ( طفيلية) موالية للحكومات المتعاقبة ، وتشكل قاعدتها الاجتماعية ، وهي قوة مناهضة للمنتجين الفعليين للثروة.

– ظهور فئة اخرى( مافية) متخصصة في سرقة النفط وبيعه من خلال قنوات متعددة، تتعاطى مع العمولات والرشاوي مع الشركات العاملة في العراق وخاصة في مجال النفط والتجارة الخارجية ، متاجرة بالاسلحة والمخدرات وغيرها .

– نشوء شرائح البرجوازية لصالح الجناح الطفيلي – البيروقراطي  والكومبرادوري ، مما يدفع بعملية التراكم الراسمالي والمتعلق بالملكية العقارية اوبالتجارة الداخلية ،بدلا عن تحقيق تراكم لراسمال القائم على الانتاج.

– ان حالة الاستمرار على هذه السياسة التنموية ، قد تسبب الى تقليص حجم الطبقة المتوسطة في العراق مستقبلا. حيث تتوجه بعض فئات منها  بالتحول تدريجيا الى ( الطفيلية البيروقراطية)،واخرى الى (المافية )،كما وتتحول فئة اخرى منها تدريجيا الى مستوى خط الفقر.

 

5- ان الاقتصاد العراقي الحالي يحتاج الى الاصلاحات والتغيير البنيوي، حتى يتم تفعيله ويساهم في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. وبهذه المناسبة نقدم الى الحكومة الاتحادية القادمة بعض مقترحات متواضعة لعلها قد تساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني ووضعه على مساره الصحيح،وتاثيرها الايجابي على تركيبة الطبقة المتوسطة وعموم الشعب العراقي ، وهي كالاتي:-

 

– اعتماد منهجية اقتصادية شفافة وواضحة لعملية التنمية الاقتصادية ، وذلك من خلال برنامج اصلاحي معلن، تحدد فيه الاهداف والاولويات والآليات، والتوجه نحو تطبيق نوع من الاقتصاد المتوازن، تحدد فيه دور ومهام كل من القطاع العام والخاص والمشترك والتعاوني في هذه العملية.

– اشباع الحاجات الملحة والمتنامية للمواطنين في المستقبل المنظور، من خلال اعتماد سياسة الاقتصاد الانتاجي، لوحده قادر على رفع انتاجية العمل بما يساعد على رفع مستويات المعيشة وتوفير السلع والخدمات.

– الاهتمام بتأهيل واعادة بناء البنية التحتية في مجال الاتصالات الهاتفية والتلفونات المتطورة ،الانترنيت والفضائيات ، امن العمل، والوسائل المعلوماتية والتكنولوجيا الاخرى،النقل والمواصلات،التامين، وبناء المصافي وتامين الطاقة الكهربائية والمشاريع المائية ، والتي هي من أولويات بناء الاقتصاد الصناعي والزراعي المتقدم، توسيع وبناء شبكات الطرق السريعة، وكذلك الجسور وربط الاقضية والارياف بالمدن ، بهدف تامين نقل السلع والخدمات ونقل المسافرين.
– معالجة البطالة المتفاقمة ، من خلال اعادة هيكلية القطاعين الصناعي والزراعي ، وضرورة بناء مجمعات صناعية متطورة ومتكاملة البني التحتية ، واعادة هيكلة المناطق الصناعية القديمة. تفعيل دور القطاع الخاص، من خلال توفير التمويل الميسر للصناعات الصغيرة والمتوسطة . حماية المشاريع الصناعية واعفائها من الضرائب لمدة تتراوح بين 5-10 سنوات .وهي مطاليب القطاع الخاص، مع اعادة النظر في  قانون تشجيع استثمارات، وتقديم التسهيلات اللازمة لهذا القطاع ، بعد دراستها حسب اولويتها واحتياجات البلد وظروف تطورها ، وبالتعاون مع المصرف الصناعي وغرفة التجارة لتكون نسبة الفائدة على القروض للمشاريع الصناعية منخفضة جدا، وعالية نسبيا على الاقراض العامة.
– وقف التدفق العشوائي للسلع والبضائع الاجنبية، والكف عن انتهاج سياسة الاستيراد المفتوح المعمول به حاليا، مع تفعيل منظومة  الرسوم الكمركية ،وذلك بهدف توفير الحماية من الانتاج المحلي،التي تتوافر مثيلاتها من الصناعة الوطنية. وخاصة في المجالين الزراعي والصناعي، . توفير السلع والخدمات الضرورية للمواطنين، من خلأل تشديد الرقابة الفعلية على السوق .
– تفعيل القطاعات الاقتصادية الاخرى وخاصة الزراعة ، الذي اضحت مساهمتها ضئيلة جدا في تركيبة الناتج المحلي الاجمالي
بحدود 8%،وذلك من خلال تاسيس شركات ضخمة متخصصة بهذا المجال من دون ان يؤثر ذلك على الوحدات الزراعية الصغيرة واشراك القطاع الخاص والتعاوني فيها.
– تشجيع قطاعات البناء مما يساعد على حل ازمة السكن. النهوض بمشاريع السياحية ، وتحفيزالقطاع الخاص المحلي والاجنبي للاستثمار فيها.
– تفعيل دور البنوك ،المصاريف والمؤسسات المالية ، شركات التامين، بعد اجراء الاصلاحات الهيكلية والادارية والفنية اللازمة فيها. وتشديد الرقابة المالية عليها ، وخاصة الغير الحكومية منها، بغية التحكم باستخدام الموارد المالية بشكل عقلاني .
– محاربة ظاهرة الفساد الاقتصادي والمالي والاداري المنتشر على كافة المستويات الادارية والحزبية ، نتيجة لظهور مجموعة من الناس- مافية محلية ، مما يسمى بتجار السوق السوداء والمدعومين من الاحزاب الحاكمة ، والمهيمنين على التجارة الداخلية والخارجية وتهريب السلع والمحاصيل الزراعية والعملة الى الخارج .

– تفعيل دور هيئتي الرقابة المالية والنزاهة واحترام استقلاليتهما في اداء واجبتهما، ودراسة تقاريرهما الفصلية والسنوية بجدية في البرلمان.محاسبة مرتكبي جريمة الفساد وفق القانون والقضاء، مع تنشيط دورمنظمات المجتمع المدني في الرقابة والشفافية على المؤسسات الحكومية.

– تنشيط دور البنك المركزي لقيام بواجباته في رسم السياسة المالية والنقدية للعراق، واحترام استقلاليته وعدم التدخل في شؤونه.

– ضرورة تبني هيئة الاستثمار استراتيجية واضحة وشفافة وآليات فعالة وفق خطط مدروسة لعملية التنمية الاقتصادية/الاجتماعية المستدامة.

– توفير البيانات والاحصائيات من وزارة التخطيط والهيئات المختصة ، ووضعها في متناول الباحثين والاكاديميين والمهتمين بالشؤون الاقتصادية، مع انشاء مراكز بحوث متخصصة في المجالات الاقتصادية وغيرها.
– التحكم بكيفية استخدام الشركات المحلية للعملات الاجنبية والقروض اللازمة لاستيراد التكنولوجيا ، من اجل انشاء صناعات جديدة ، وكذلك للمدخلات المالية اللازمة للمصانع الى حين اكمالها وتصبح جاهزة الانتاج .
– استثمار موارد ملائمة في التعليم ، من اجل اعداد قوة عمل افضل تعليما وتخصصا، لكي تساهم في رفع انتاج وانتاجية العمل.
– معالجة ظاهرة التضخم النقدي، اذ ان مؤشرات التضخم السنوي في ارتفاع مستمر، نتيجة لارتفاع في الرقم القياسي لمجاميع السلع الاساسية والضرورية، وخاصة المستوردة منها، وذلك من خلال اجراء الزيادة النسبية في مدخولات العاملين لمواجهة حدوث اي ارتفاع في نسبة التضخم .

– تنظيم امور الضرائب المباشرة وغير المباشرة ، وتشريع قوانين خاصة لها . توفير الوسائل اللازمة الكفوءة والنزيهة في عملية جبايتها والرقابة عليها ، عن طريق استخدام الاجهزة المالية والادارية في الدولة . العمل على نشر الوعي الضريبي والثقة المتبادلة بين هذه الاجهزة والمواطنين، بحيث يتولد لديهم قناعة تامة ، بان دفع الضريبة هو جزء من عملية المساهمة في البناء الاقتصادي ، ويعود ريعها على المواطنين عبر المشاريع الصحية والتعليمية والاجتماعية والاعمار.ضرورة وضع قوانين صارمة بحق المخالفين والمتلاعبين والمهربين للاموال العامة وخاصة الغسيل منها، واعتبارها جريمة يعاقب عليها بالحبس والحرمان من بعض الحقوق المدنية والاقتصادية .

 

في الختام نود أن نبين، ان العراق اليوم مهدد في جميع المجالات وبالتالي فانه امام استحقاقات زمنية لانقاذ البلاد من الخطر الكبير.ويقتضي الامر التقيد بالدستور في المعالجات، وعلى رغم من ما يحتويه من السلبيات الا انه لم يجري التقيد و/أوالتنفيذ بجانبه الايجابي.دراسة اسباب الخلل والنقص في الرؤية العامة وفي مسارات التنمية الاقتصادية/الاجتماعية المستدامة. والتاكيد على ضرورة اجراء مسار عملية البناء وفق الضوابط والقوانين والمعرفة الاقتصادية، والاستعانة باركان الادارة الرشيدة في تيسيير الاقتصاد والادارة والتنظيم،والتاكيد ايضا على اسس الكفاءة والخبرة والمعايير المهنية في الاداء ،وتامين حقوق وضمان حريات الانسان واستقلاليته في تحديد اساليب نشاطه ومجالات حياته، والاستفادة العقلانية من الموارد االطبيعية والمالية والبشرية والمعرفية المتاحة في خدمة التنمية الوطنية،وعدم هدرها نتيجة سؤء استخدامها و/أوتفشي الفساد المالي والاداري على المستويات الادارية والحزبية في الدولة، كما هو لحد الان . التوجه نحو حل المشاكل  السياسية بين الاطراف المشاركة في العملية السياسية ،وخاصة بين المركز واقليم كردستان العراق ،والاقتصادية المتراكمة وفي مقدمتها تخفيف معاناة الشعب وتوفير الامن الاقتصادي والسياسي والصحي والتعليمي والسلم الاجتماعي، والقضاء على البطالة. بناء اقتصاد متين ومزدهر يتحقق فيه مبدأ العدالة الاجتماعية ويعود ريعه وخيراته على الجيل الحالي والأجيال القادمة وعلى الشعب العراقي واطيافه المتنوعة وفي كل اجزاءه .واخيرا لابد من القول بان الامر يظل مرهونا بتحويلها الى اجراءات عملية وخطوات ملموسة على الارض.

 

*) أكاديمي وباحث عراقي في المهجر

 

حقوق النشر محفوظة لشبكة الإقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر

http://iraqieconomists.net/ar/

 الاراء المطروحة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع وانما كاتبها وهو الذي يتحمل المسؤلية العلمية والقانونية لوحده

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (3)

  1. Avatar
    د.محمد عبد الرحمن يونس:

    أخي الغالي وصديقي وأستاذي الدكتور صباح قدوري الموقر ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،أحييكم على هذا المقال المهم والمتميز ،ملاحظات ومقترحات بشان اقتصاد العراق ، دمت كاتبا مبدعا ، ومحللا سياسيا واقتصاديا ، وصديقا غاليا
    أخوكم دائما محمد عبد الرحمن يونس

  2. صباح قدوري
    صباح قدوري:

    الزميل العزيز الاستاذ مصبح كمال المحترم
    تحية صادقة
    شكرا على المتابعة وقرائتكم لمقالي، ارجو المعذرة عن تاخير الايجابة، بسبب سفري.اثمن مداخلتكم القيمة بخصوص المقال . ان النقاط الواردة في مقترحاتي جاءت بشكل مختصر، كان تكون عناوين لهذه المواضيع اذا صح التعبير. وقد جاءت مبادرتكم الثمينة في اغناء محتويات الفقرة(تفعيل دور البنوك ومؤسسات المالية وشركات التامين……)، وخاصة التركيز على مسالة التامين، واصبح ذلك بمثابة مقال متمم لمقالي واغناء محتوياته، باعتبار مقالي يقترح الاطار العام للمسائل الواردة فيها ومطروحة للنقاش،عسى وان تحذوا الزملاء الاخرين حذوكم في اغناء بقية فقرات هذه المقترحات، كل حسب اختصاصه.
    تقبلوا مني دوما خالص الود والاعتزاز.
    صباح قدوري

  3. مصباح كمال
    مصباح كمال:

    قرأت مؤخراً مقالة د. صباح قدوري “ملاحظات ومقترحات بشأن اقتصاد العراق للحكومة المرتقبة” المنشورة بتاريخ 8 أيلول 2014. وسررت لإشارته القصيرة إلى التأمين عند تقديمه “مقترحات متواضعة لعلها قد تساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني ووضعه على مساره الصحيح، وتأثيرها الايجابي على تركيبة الطبقة المتوسطة وعموم الشعب العراقي” إذ ذكرَ التأمين ضمن القطاع المالي واقترحَ:
    “تفعيل دور البنوك، المصاريف والمؤسسات المالية، شركات التامين، بعد اجراء الاصلاحات الهيكلية والادارية والفنية اللازمة فيها. وتشديد الرقابة المالية عليها، وخاصة الغير الحكومية منها، بغية التحكم باستخدام الموارد المالية بشكل عقلاني.”
    وبودي هنا تقديم بعض الملاحظات.
    الدعوة إلى تفعيل دور البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين يقوم على قناعة بضعف دور ومساهمة هذه المؤسسات في الاقتصاد الوطني. سأركز هنا على التأمين في تفكيك هذه الفقرة المكثفة للدكتور قدوري. فهو يدعو إلى:
    – اجراء الاصلاحات الهيكلية والادارية والفنية اللازمة في شركات التأمين، و
    – تشديد الرقابة المالية على شركات التأمين الخاصة.
    حقاً هناك حاجة لإصلاحات إدارية (كمراجعة نظام إدارة الشركة التي تتمحور على الدور الأساس للمدير العام في شركات التأمين العامة والمدير المفوض في شركات التأمين الخاصة، التوسع في تفويض الصلاحيات، إعداد الطبقة الثانية من المدراء والكوادر، سياسة التدريب، استبدال بعض الموظفين غير الكفؤين وغيرها كثير) وإصلاحات فنية (منها ما يتعلق بتقييم الأخطار القابلة للتأمين، وطريقة إصدار وثائق التأمين، واستخدام تكنولوجيا المعلومات في التسويق والإنتاج والتحليل الإحصائي وغيرها).
    لكنني لم أفهم ما هو المقصود من (الإصلاحات الهيكلية) خاصة وأن العبارة ارتبطت، كما أرى، بالتغيير في بنية الحكومة، وكذلك مع اشتراطات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتقديم القروض (لبرلة/تحرير التجارة، تحقيق التوازن في الموازنات، رفع الرقابة على الأسعار، وقف أو تقليص الإعانة للسلع والخدمات، تشجيع الاستثمار المباشر الأجنبي، الحوكمة الرشيدة ومحاربة الفساد).
    ربما كانت بعض هذه العناصر هي ما يعنيه د. قدوري. آمل أن يوضح نوع الإصلاحات التي يراها ضرورية لتفعيل دور شركات التأمين.
    فيما يخص تشديد الرقابة المالية على شركات التأمين الخاصة
    هناك ديوان التأمين، الذي تأسس بموجب قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، يفترض أن يقوم بأداء الوظيفة الرقابية. لكن المعلومات المتوفرة لا تدل على أن الديوان يقوم حقاً بأداء هذه الوظيفة إلا في حدودها الدنيا (منح ترخيص مزاولة العمل، جباية الرسوم وإصدار بعض الإعمامات والتعليمات). نعرف بأن الديوان أصدر تعليمات لزيادة رأسمال شركات التأمين لتكون 15 مليار دينار لكن رأسمال معظم الشركات هو دون ذلك. كما أن الكادر الوظيفي للديوان ربما لم يكتمل لحد الآن كي ينهض بدور فعّال في الرقابة الحقة على أداء الشركات والتزامها بالقوانين. لذلك فإن “تشديد الرقابة” غير قابل للتحقيق في الوقت الحاضر.
    ما يبتغيه د. قدوري من الرقابة هو التحكم باستخدام الموارد لدى الشركات بشكل عقلاني. موارد شركات التأمين تضم رأس المال، الاحتياطيات الفنية، أقساط التأمين، وعوائد الاستثمار. هناك ضوابط قانونية لتحديد الملاءة المالية لشركات التأمين يتولى الجهاز الرقابي مراقبتها ليضمن بذلك مصالح المؤمن لهم. طبيعة الاستثمار الذي تقوم به هذه الشركات تبتعد، عموماً، عن المضاربات وتميل إلى الاستثمارات ذات العوائد المضمونة. ويختلف الاستثمار الذي تقوم به شركات التأمين عن الحياة، لكون طبيعة عقود التأمين طويلة الأجل، عن الاستثمار الذي يقوم به شركات التأمين التي تتعاطى التأمينات العامة. لكن هذا الوضع لا يلغي أهمية الانتباه إلى مراقبة السياسة الاستثمارية لشركات التأمين للاطمئنان بأنها تستخدم مواردها “بشكل عقلاني.”
    هذه الملاحظات ليست بديلاً عن دراسة الواقع القائم لشركات التأمين العراقية فيما يخص إدارتها واستثماراتها وحجم مساهمتها في الاقتصاد الوطني.
    أشكر د. صباح قدوري على اهتمامه بالتأمين وإبرازه بطريقته في مقالته. أتمنى أن أقرأ المزيد منه ومن اقتصاديين آخرين.
    12 أيلول 2014

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: