جدل اقتصادي

مهدي البناي: حقائق الاقتصاد واوهام السياسة – مستقبل الدولة العراقية من منظور محافظات الوسط والجنوب

مقدمــــــة

    كل التقدير لما طرحه أستاذنا الخبير كامل المهيدي في مقاله الموسوم “بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة” والمنشور على موقع شبكة الإقتصاديين العراقيين بتاريخ 28/9/2014 ، والإضافات القيمة لأساتذتنا الخبراء النفطيين حمزة  الجواهري وفؤاد الكاظمي ومنير الجلبي ود. ثامر العكيلي والخبير الإقتصادي د. كامل العضاض واخرين من مقالات منشورة على الموقع وتعقيبات في منتدى الحوار للشبكة.. حول أزمة العراق المستمرة والاحداث الاخيرة، (الخلاف مع إقليم كردستان وما أسماه الاستاذ كامل المهيدي  “بالتمرد الكبير”).

برأيّ ، ان ما يجري بحقيقته أعمق من ظاهره، المتمثل بالخلاف الدستوري والمشاكل الإجرائية مع المركز ، كما ان التمرد الكبير وطوفان القوى الإرهابية وظروفها وأسبابها ما هي الا أعراض مرضية وليست الداء نفسه.

فليس كل خلاف اقتصادي داخلي، او مطالب محقة او غير محقة تؤدي بالضرورة  كل مرة الى هدم الدولة والتشكيك بالإنتماء !!!

فاذا رأينا ان الخلاف حول عائدات النفط او الرواتب هو المشكلة الوحيدة ، فهذه يمكن حلها بصيغة دستورية او غير دستورية ، اذا ما علمنا ان توافق المصالح للطوائف السياسية هي فوق الدستور ، والامثال اكثر من ان تحصى !!

ودعوني اطرح السؤال التالي، اذا ما حٌلت المشاكل الحالية، (النفط والرواتب والمناطق المتنازع عليها …الخ)،  هل يمكن القول اننا ضمنا حل المسألة الكردية؟

واذا استجاب المركز للمناطق الغربية بزيادة الصلاحيات او الأقلمة وحل المليشيات ، هل نكون بذلك قد حللنا كل المشاكل وسننعم بالاستقرار؟

اسمحوا لي اساتذتي ان أشك كثيرا بذلك، فالمشكلة أعقد من هذه الحلول الوقتية، وهي أعمق مما هي عليه ، المشكلة في بنية الدولة (الوطن الواحد) و (الشعب الواحد).

   كنت منذ مدة أعكف على دراسة أنماط قيام الدول، كأشكال تنظيمية، بحيث يمكن تحديد الرقعة الجغرافية المعينة ومجتمع معين ونظام معين، كأسس لقيام الدولة في العصر الحديث، والظروف والأسباب المهيأة لقيام الدولة وإستقرارها وإستمرارها. وليس لي ان أخوض فيما خاض فيه (توينبي) في دراسته التأريخية لنشوء الحضارات وسقوطها.(1) او (ديورانت) في قصة الحضارة (2) فتلك الجهود العظيمة حاولت دراسة ظروف وتحديات نشوء الحضارات وسقوطها ، والبحث هنا عن الظروف والدوافع الموضوعية لنشوء الدولة كشكل تنظيمي سيادي، اي ممارسة سلطة موحدة على مجتمعات ومكونات معينة ضمن رقعة جغرافية محددة.

   قد تتناول هذه الورقة بعض المسكوت عنه في العلن والمتداول في الخفاء، كما تتناول إتجاهات التفكير وأنواع الخيارات، (الحلول)، التي بدأت تسود في المجتمع العراقي، كما انها قد تمس بعضا من عواطفنا واعتقاداتنا، التي ألفناها منذ الصغر واصبحت بديهيات لا ينبغي مناقشتها بتصورنا. ولكن شروط البحث تملي علينا تسمية الاشياء بمسمياتها ، ومواجهة واقعنا بشجاعة ، فالمصطلحات المخدرة والخشية من الإتهامات او (الارهاب الفكري)، لن يقودنا الى نتيجة، فقط سيجعلنا نلوك جراحنا ونتظاهر بمخملية الشعارات.

للفكر الحر ثمن، فإتهامات الشوفينية والعنصرية والطائفية عادة ما تكون جاهزة ومصوّبة لمن يلقون الحصى في برك الجمود.

 وجدتها فرصة ثمينة ان تتوافر نخبة مفكرينا وأساتذتنا في محفل واحد لمناقشة هذه الافكار، واغناء هذه الورقة، (غير المكتملة)، بارائهم القيمة.

واكرر شكري لاستاذنا الخبير كامل المهيدي لقدحه زناد الموضوع، والشكر موصول لاستاذنا الدكتور بارق شبر والدكتور كامل العضاض لمراجعتهم هذه الورقة،  وبالطبع بدون الأتفاق الكامل مع كل ما جاء فيها.

تتناول الورقة الأفكار والفرضيات التالية:

– انما تتكون الدول باحد عاملين او كلاهما، (قوة قاهرة او مصلحة غالبة).

– تقرير المصير حق لكل المكونات وليس حقا حصريا لأحدها دون أخرى.

– الشراكة في الوطن تكون برضا وقبول كل المكونات وليس بعضها. (كل المكونات يجب ان تُستفتى).

– لا يمكن للمركز الضعيف إستيعاب االإقليم القوي.

– الانسان اولى واقدس من اي شكل تنظيمي.

– الأقاليم الفدرالية في الوضع العراقي هي قسمة ظالمة ومكمن لصراعات مستقبلية.

– ضرورة تطابق خريطة الثروة مع خريطة السلطة.

المبحث الاول :القوة والمصلحة … في تشكيل الدولة

تتوحد الشعوب والمجتمعات ضمن كيان دولة واحدة بأحد أمرين ،

اما قوة قاهرة او مصلحة غالبة … ويضعف تأثير التكوينات التاريخية او الصفات العرقية او الدينية او اللغوية في تكوين الدول او التجمعات (الحديثة) الموحدة. كما ان الدول (الوظيفية) وهي تلك الكيانات المشكلة بفعل قوى او تحالفات خارجية لإداء دور معين او كقسمة غنائم بين المنتصرين لا تدخل في نطاق هذه الفرضية. الا من خلال فرض القوة ومشيئة المنتصر.

ربما تجدر الاشارة هنا، اننا نعني الدولة بمفهومها (السلطوي السيادي) وشكلها (التنظيمي) وليس بمفهومها الحضاري بالضرورة، اي بغض النظر عن طبيعة الدولة كونها عقدا اجتماعيا بين المكونات او كونها هيمنة للقوة او (للتوارث السلالي) (3)

كما ان مفهوم القوة هنا يشمل معناها المجرد ، بغض النظر عن كونها قوة شرعية أَم انها قوة دكتاتورية غاشمة.

من التاريخ الحديث:

انظر الى ما وَّحد امريكا قبل قرنين .. تجد الغلبة والقوة القاهرة ابتداءاً.

انظر ما وَّحد الاتحاد السوفيتي سابقا وما يوحد روسيا حاليا.

انظر لما وَّحد ايران في عهد بهلوي الاب في عشرينات القرن الماضي. (4)

انظر ما يُوَحد الصين على كثرة العدد واتساع البلد.

وفي التاريخ القديم امثلة اكثر من ان تحصى تظهر ان الدول والممالك انما قامت على أساس القوة القاهرة عموما، ( من الملك مينا موحد مصر الى دولة الخلافة الاسلامية ).

انظر الى ما وَّحد اوربا  بشكل (الاتحاد الاوربي) بكل تنوعها العرقي واللغوي …. تجد أنها كانت المصلحة الاقتصادية.

وما يوحد الإمارات العربية هي المصلحة المشتركة ، ما وّحد قبائل المملكة السعودية في العشرينات من القرن الماضي لتشكيل دولة.. هي القوة القاهرة .

ما وّحد العراق بنفس الفترة تقريبا هي القوة الإستعمارية القاهرة ووريثتها الادارة الملكية وجيشها، (انظر في تأريخ حركات التمرد العشائرية في العهد الملكي) وورث العهد الجمهوري جيشا موحدا قادرا على حفظ وحدة البلاد، وتضاعفت قوة الجيش (القوة القاهرة) خلال حرب الثمانينات، ومع تضاؤل قوة الجيش تضاءلت قدرته على صيانة الوحدة. ومجرد ما ضعفت السلطة في اوائل التسعينات انفصلت كردستان. وهناك رأي أخر يقول (بأن الوحدة لم تكن منذ البداية على اساس متين ، بمعنى توافق المكونات، ولذلك كانت دائماً معرضة للازمات والتيارات الانفصالية، كما كان الحال في الاتحاد السوفيتي ويوغسلافيا وجيكوسلفاكيا). (5)

ولم تفلح الإدارات العراقية منذ تأسيس المملكة حتى اليوم في صياغة مصلحة إقتصادية مشتركة بين مكونات المجتمع ، ولم يُمهَل النشاط الخاص في بلورة مصالح إقتصادية متبادلة في جغرافية الوطن، بل كان البديل هو سيطرة الدولة على مفاصل الإنتاج وعلى مورد البلاد الرئيس وبالتالي ترسيخ مفهوم الدولة الريعية :

  • كون الحكومة، (السلطة)، تملك وتدير الثروة وتوزعها على الشعب بمكوناته وفق سياساتها وايديولوجيتها؛
  • بالتالي اصبح من يمتلك السلطة يمتلك الثروة،

فسلطة تحتكر الثروة هي مطمع لكل طامع متى ما سنحت الفرصة، والى هذا يشير الدكتور عدنان الجنابي في متلازمة الدولة الريعية والدكتاتورية، أي إنتاج الدولة الريعية للانقلابات الدكتاتورية. (6)

ان ما نقصده بالمصلحة الإقتصادية المشتركة هي تلك العلاقة الاقتصادية القائمة على تبادل المنافع، (سلع وخدمات)، بصورة طبيعية. هذا التبادل والعلاقة الاقتصادية المصلحية تؤدي بحكم الإستمرارية والتقارب الى تكوين تجمع موحد (شكل الدولة) لتسهيل التبادل ولتعظيم المنفعة، بحيث يجد الناس او المؤسسات الاقتصادية، (ان وجدت)، ان من الافضل لهم ان ينضموا الى بعض في تشكيل (سياسي واقتصادي وكمركي واحد)، يصون المصلحة ويمكن الدفاع عنه.

ولا نقصد بالمصلحة الإقتصادية وجود ثروة نفطية ينتظر الجميع حصته منها، فهذا مشهد مشوه للمصلحة الإقتصادية القائمة على الإنتاج ونشاط الاعمال الطبيعي.

أدى غياب القطاع الخاص ومحاربة المتبقي منه منذ قرارات التأميم في ستينات القرن الماضي الى إعاقة قيام المصلحة الاقتصادية المشتركة بين الشخوص الإقتصادية الوطنية  واعاقة ظهور الطبقة الوسطى المنتجة. الدولة الريعية (القوية) حافظت على هذه الوحدة لحد ما ، وان انتجت بنفس الوقت نظاما قمعيا دكتاتوريا، زرع بذور التفكك والتفجر… الى حين.

 فبغياب القوة القاهرة والمصلحة الإقتصادية الغالبة انفرط او يكاد عقد البلد. وبقيت حفنة من الشعارات والأغاني والعواطف والاوهام التي ورثناها من المدرسة الابتدائية.

بصراحة … أن ما يفرقنا هو اكثر مما يوحدنا ، لا نملك الا الدين والتراث وهما يفرقان اكثر مما يوحدان، الدين بمذاهبه وتفسيراته وتأويلاته وفرقه الناجية وسقائفه التأمرية، والتراث بحكاياته الحقيقية منها والملفقة والتأريخ بدمائه ومجازره ورزاياه.

اليس غريباً ان لا تجد لاهل الجنوب ما يربطهم بالشمال الا قبور اوليائهم… ولا تجد لاهل الشمال في الجنوب الا ما ينتظرونه من نفطه.

الهوية الوطنية والدولة المدنية نتاج ثقافي وأرث تأريخي، هي اوهن ما تكون في غياب المصلحة الاقتصادية والقوة القاهرة اللتان تخضعان كافة المكونات لسلطة الدولة الواحدة.

القوة القاهرة او المصلحة الاقتصادية الغالبة، جدوا احداهما على الاقل … او فهو ابغض الحلال.

المبحث الثاني :  حق جميع الشركاء في تقرير المصير

    تقرير المصير حق اصيل للشعوب ، كقاعدة رضى وقبول في تقرير شكل وطبيعة الانتماء في الكيان السياسي والتنظيمي، هذا الحق يجب ان تناله جميع المكونات ، فهو ليس حقا تفضيليا للبعض على حساب البعض الاخر.

لا ينبغي اجبار او ممارسة الضغط المادي او المعنوي على الشعب الكوردي للإنضمام او البقاء ضمن العراق الواحد، كما انه من المعيب ممارسة طريقة (بيت الطاعة) لابقاء الكورد ضمن البيت الواحد.

تم إستفتاء الكورد حول بقائهم ضمن العراق الفدرالي الاتحادي الواحد بالتزامن مع الاستفتاء على الدستور عام 2005 ، ولم يستفت بقية الشعب العراقي حول قبولهم بانضمام الكورد اليهم او إنضمامهم الى الكورد،  فقاعدة الحق الاصيل يجب ان تشمل الجميع.

هذا الزواج القسري، (كما يصفه الدكتور عبد الخالق حسين)، انتج مولودا مشوّها ومعاقا. وأظن ان الكل يدرك ان بقاء الكرد ضمن العراق الواحد (ما بعد 2003) فرضه أمران:

  • الإرادة الاقليمية ، فكل من ايران وتركيا وسوريا يرفضون او لا يحبذوا وجود دولة قومية كوردي بجوارهم لحسابات داخلية.
  • الاطماع في ثروة العراق، فنسبة 17% من الموازنة المليارية بالاضافة الى نفقات البيشمركة وتعويضات المتضررين …الخ . فيها ما يسيل له اللعاب.

وبالتالي انتجت حالة من المشاركة المقلقة والمصلحية الانتهازية، (لا يمكن تسميتها – بهذا الشكل- انتماءا باية حال من الاحوال).

ما تحدثنا عنه في المبحث الاول حول العاملين الاساسيين في وحدة الدول، (القوة القاهرة او المصلحة الغالبة)، لا يتوافران هنا بحكم ضعف المركز واحادية المصلحة الاقتصادية، فالمصالح الاقتصادية احادية الجانب تنتج عائلا وليس شريكا، وهذا ما نراه جليا في اقسام العراق الثلاثة، (كردستان ، المنطقة الغربية ، وسط وجنوب العراق)، فهي تشكل فيما ارى مضيفا واحدا وعائلين.

كردسـتان، واقعا تشكل كيانا مستقلا متماسكا، وبالاخص بعد ضم كركوك التي تشكل منبعا للثروة، واجزم انهم سيحسنون إستثمارها.

يجب ان ندرك ان اقليم كردستان بما تعود عليه من الادارة الذاتية منذ 1991 وبما اكتسبه من خبرات في الادارة وممارسة السلطة، وما حققه من نجاحات إدارية وإقتصادية وأمنية وتمتعه بعلاقات دولية خاصة ومباشرة، مقابل فشل المركز في كل ذلك، قاد الى ان تصبح حالة الإقليم حالة لا يمكن للمركز استيعابها او التعامل معها.

ولا يمكننا ان نطالب الإقليم ان يتنازل عن ما حققه على ارض الواقع، واستحالة ان يَرْقَ المركز، (بوضعه الحالي)،  لحالة متقدمة تستوعب منجزات الإقليم او تتقدم عليها. فمقومات الدولة المستقلة تتوافر بشكل واضح في اقليم كردستان، ويجب ان نعترف انها مستقلة فعلا، وللمثال:

  • سيطرة مستقلة على المنافذ الحدودية.
  • سيطرة مستقلة على واردات الكمارك.
  • قوة عسكرية وشرطية مستقلة عن المركز وتتلقى اوامرها من الاقليم فقط. (رئيس الوزراء الاتحادي لا يقوى على تحريك شرطي مرور في الاقليم).
  • منظومة اتصالات (سلكية ولاسلكية) مستقلة.
  • اوامر القضاء الإتحادي لا تسري في الاقليم.
  • برلمان وحكومة ورئيس، لا يتلقون اوامرهم او ينسقوا مع المركز.
  • علاقات سياسية مباشرة مع العديد من دول العالم.
  • نجاحهم في تكوين بيئة إقتصادية جاذبة للاستثمار، لا تخضع لفتاوى المركز.

الخلاصة الاولى/ كردستان اصبحت كيان سياسي وإقتصادي وديموغرافي قوي ومتماسك لم يعد بالإمكان إستيعابه او جذبه بان تلقي له 17% من الثروة، كما ان الممانعة الإقليمية لقيام الدولة الكوردية خفت بشكل واضح بعد ان ادرك الجميع حكم الواقع.

 

المنطقة الغربية ، وحدة إجتماعية وسياسية ودينية واحدة، إعتاد ابناؤها حكم البلاد منذ تأسيس الدولة العراقية، حكاما وضباطا، ويصعب عليها الان تقبل المساواة او الرضوخ لحكم ديمقراطي إنتخابي تعددي، (على الاقل من الجانب النفسي). فهذا الشكل من نظام الحكم سيفرز بحكم الاغلبية السكانية اغلبية وسيطرة للاخرين تسلبهم الهيمنة المطلقة، فالتهميش بنظرهم هو ازاحتهم عن السلطة المطلقة، واي شيء اقل من ذلك هو ظلم وتهميش لهم، فمناصب مثل نائب رئيس الجمهورية او رئاسة البرلمان او عشرة وزراء او حتى رئاسة الجمهورية وتمتعهم بنصيب وافر من ثروة الآخرين لا تشكل لهم مشاركة او تعبير او مساهمة بالحكم.

هذه المنطقة ليست فقيرة كما يظن البعض، ففيها من الثروات غير المستغلة الشي الكثير، ومن حقهم تقرير مصيرهم اسوة بالاخرين وبناء (إقليمهم او حتى دولتهم)، وإستثمار خيراتهم وممارسة السلطة المطلقة باي شكل ونظام حكم يحبون. ولكن بنموذج مغاير، لا يشبه نموذج العائل الكردستاني.

 

المنطقة الوسطى والجنوبية تشكل وحدة إجتماعية ودينية وإقتصادية واحدة بغنى عن بقية القسمين الاخرين، فمواردها النفطية التي تشكل (80 – 85%) من مجمل إنتاج العراق، إضافة للميناء الوحيد والكثافة السكانية التي تنتشر على اراض خصبة، كل ذلك يشكل كيانا متماسكا وقويا، وكما كان يردد؛ (عراق اصغر، عراق اقوى).

يمكن لهذه المنطقة التي تشكل قلب العراق ان تعيش بمنأى عن الشركاء المتشاكسين، وان تتوقف عن تحمل مصاريف الاخوة الاعداء، ما الداعي ان يستمر أبناء الجنوب النفطي بتحمل أعباء كردستان المستقلة واقعا، والمنطقة الغربية التي لم ترض يوما كونها شريكا متساويا، والإستمرار بتلقي المفخخات والتفجيرات، مقابل السيادة على كيان هش تنخره العداوات والمناكفات، ثم ما العلاقة الاقتصادية التبادلية التي تربط الغربية وكردستان بالجنوب؟

اليس من المستغرب ان تحظى البصرة بنصيب من الثروة النفطية التي تنتجها، اقل من حصة نينوى!!! فتوزيع الموازنة قائم على اساس عدد السكان، (لم يجر تعداد للسكان منذ الثمانينات)، وبما ان سكان نينوى 3 مليون كما يزعمون وسكان البصرة نحو مليونين ..

اما القول انه ستثار مشاكل المياه، (اشير الى ما ذكره الدكتور كامل العضاض) (7) ، اقول، ربما وخصوصا ان كل الخزين المائي (السدود) هي في المنطقة الغربية، ولكن هذه ليست حالة فريدة اي كون المنابع والخزين في دول غير دول المجرى، فالامثلة اكثر من ان تحصى، واذا علمنا ان الإستفادة من الأنهار تحكمها القوانين الدولية حول (الدول المتشاطئة) ، كما أن هذا النوع من المشاكل لا ينتهي، (عادة)، بين الدول، فهو ما أن يخف في زمن الفيض حتى يثار في زمن الجفاف او المشاريع الحديثة، (مثال حالة مصر واثيوبيا)،   ثم ان المناطق الغربية لا تعتمد عموما على الارواء (السيح)، وانما جل زراعتها يعتمد على الأمطار. ورأينا في مثال سدة الفلوجة ان الغرق كان نتيجة اقفال السد،  يصبح التخويف من مشاكل المياه لا اصل له.

هناك كثير من الجدل بدأ يظهر على السطح، من قبيل:

  • مقولة وحدة العراق التأريخية الازلية والابدية ما هي الا اكذوبة لامتصاص وحلب ثروات الجنوب، وطحن ابنائه في حروب لا تنتهي.
  • الانسان اولى من أية أشكال تنظيمية او سيادية وإنتماءات بان زيفها.

 

المبحث الثالث: أُحادية المنفعة الاقتصادية 

   للكورد مصلحة في بقائهم الصوري ضمن العراق الواحد، حتى لو كانت مصلحة آنية مبنية على ستراتيجية حلب الموارد الى اخر قطرة … ومع ذلك يتصرفون بالضد من هذه المصلحة، ولا يبدون حرصا ولو إعلاميا على ترسيخ هذا الانتماء، ويهددون بالإستقلال وتقرير المصير كلما تأزمت الامور مع المركز، ولا يخفون تطلعهم ليوم الانفصال الموعود!!… فإنتماؤهم رهين مصالحهم، ووسيلةً لابتزاز الشركاء الاخرين، وبالتالي يحق لهؤلاء التشكيك بعمق الروابط وجدوى التنازلات،  فالإنتماء الحقيقي لهوية ما لا يصبح عرضة للمساومة او التخلي لمجرد خلافات مع مسؤولي المركز!!

علينا ان نحدد مسبقا، أهي محض شراكة ام إنتماء؟؟ ام هي شراكة وإنتماء ، أديرها ما دارت مصالحي؟!

لكلٍ شروطه وقواعده، وعلى مفاوض المركز والشركاء الاخرين تحديد قواعد اللعبة جيدا.

   ولسكان المناطق الغربية (السنية) مصلحة ايضا في بقائهم ضمن العراق الواحد ولنفس السبب ايضا، فعلاقتهم بشركائهم في الجنوب قائمة على اساس، (اعطني السلطة والنفط ، ولن اقبل بك حاكما او حتى شرطيا في منطقتي) ، ومع ذلك فالتهديدات لا تكاد تنقطع بالإقليم السني والثورة ومظلومية التهميش …الخ.

   اهل الوسط والجنوب وهم اهل الثروة والأغلبية والطرف المستغني والمكتفي بذاته عن الاخرين هم الاكثر حرصا ومناداةَ بالوحدة الوطنية الجائرة… ولا اعلم للشيعة سياسيا محنكا يمتلك رؤية ستراتيجية قادرا على وضع قواعد لعبة جديدة، قائمة على اساس تطابق خريطة الثروة وخريطة السلطة، (وهي ليست بدعة في عالم الإقتصاد السياسي)، ويوقف إستنزاف ثروة الجنوب وأرواح أبنائه في حروب لا طائل منها ولا مسوغ مع ثورات الاخوة الكورد منذ قرن وثورة الاخوة السنة التي يتوقع لها قرنا اخر!

   في منتصف القرن الماضي سبب الصراع بين سنغافورة العضو في الاتحاد الماليزي والمركز صداعا بدا غير منتهِ، فمن أزمة الى أخرى في خضم تجاذبات وتقاطعات لا تحصى، وكان الحل العملي الحاسم بيد قادة شجعان وسياسيين فاقوا اقرانهم بصيرة ونفاذ رأي.

   يروي السيد (لي كوان يو)، مؤسس ورئيس وزراء سنغافورة حتى 1990 (في كتابه،  سنغافورة من العالم الثالث الى العالم الاول)(8) ،  كيف انه تفاجأ من اعلان السيد تانكو عبد الرحمن رئيس الوزراء الاتحادي عن منح الإستقلال لسنغافورة 1965 وفك الارتباط بها من طرف واحد، وبذلك تخلصت ماليزيا من عبء بقاء سنغافورة ضمن الإتحاد ، كما أتاح هذا الانفصال فرص الإنطلاق لكل من سنغافورة الحديثة وماليزيا الام. ولم يبك الطرفان طويلا على ماليزيا الموحدة. ذلك الإنفصال أدى الى ماليزيا وسنغافورة قويتين .

طبعا ليس لدينا قادة تاريخيين بمستوى تانكو عبد الرحمن و لي كوان يو.

   لا أعلم سر إصرار القادة الشيعة على عراقٍ كبير إتحادي يشكل عبئا على ثرواتهم وأمنهم وحياة ابنائهم، ولا يحصلون بالمقابل الا على تهم العمالة والتبعية والتكفير.

   لِمَ يقتل ابناؤنا في تكريت والموصل والانبار …. يقولون لتحريرها …. مِنْ مَنْ ؟؟؟ اتحرر البلاد من أبنائها، فمن إستولى على الموصل وتكريت وطرد أجهزة السلطة منها هم أهلها، حتى لو بعناوين مختلفة سواءا داعش او ثوار العشائر او غيرها.

   قصة ان المسلحين جاءوا من خارج الحدود قصة سقيمة وسخيفة، وهي نفس تبرير مدن الوسط والجنوب امام سلطة صدام ان من قام بانتفاضة 1991 هم المتسللين من ايران!! نعم لا شك ان هناك ارهابيون اجانب قدموا الى هذه المدن ولربما تزعموا بعض الفصائل ، ولكن كم عددهم؟ وهل سيصبح لهم تأثير بدون بعض  الاهالي المرحبين او المتواطئين الذين يوفرون الملاذ والحاضنة؟!!!

لم الاصرار على ان نكون ملكيين اكثر من الملك ؟!!

يجب ان نعي انهم يتقبلون حاكما او زعيما شيشانيا او افغانيا، ولا يتقبلونه بصريا او نجفيا.

اذا يسيطر على تلك المناطق اهلها فهم احرار فيما اختاروا، وهم احرار ايضا فيمن يستضيفون ويستقبلون ويستعينون.

 فلم الاصرار على (تحريرها) او قل بسط نفوذ غير مرحب به للدولة عليها؟… ويكون الثمن اولادنا وثرواتنا.

تعلمت احترام خيارات الناس مهما كانت … حتى الخيارات الشاذة او الغريبة او غير الحكيمة برأي.. وعلى هذا احترم واحاول ان اتفهم خيارات سكان هذه المناطق، وما ادى بهم الى هذا التطرف.

ولكن يصعب عليَّ تقبل او احترام سياسة قادتنا الشيعة برميهم فلذات اكبادنا وثرواتنا في اتون الحرب سعيا لوهم الوطن الاكبر نتحمل وحدنا ثمن بقائه الوهمي، وسلطة زائفة ليس لها نفوذ على ثلثيه ، مقابل تحمل تكاليف الكل!!!

المبحث الرابع:  خريطة الثروة وخريطة السلطة

يُرجع الباحثون في المعضلة العراقية المستمرة منذ ما يقارب القرن من الزمن، اي منذ تأسيس  الدولة العراقية في 1921 الى وقتنا الحاضر أسبابها الى العديد من العوامل السياسية والإجتماعية والإقتصادية ، بعضهم يركز على شكل الحكم المقلوب الذي إعتمد استئثار الأقلية بالحكم لما يقرب من الثمانيين عام، وآخرون اشاروا الى موضوع تركز الإهتمام بمراكز المدن وإهمال الارياف الذي يشكل سكانها الاغلبية في وقت ما، ومنهم من صاغ نظريته عن سببية الفشل الى العجز عن صياغة هوية وطنية جامعة، اما الاقتصاديون فاكثرهم يرجعون سبب ما مر به البلد من انقلابات عسكرية وثورات وحروب الى نمط الدولة الريعية الذي ساد منذ اكتشاف النفط  حتى يومنا هذا، اي إستئثار الحكومة بإدارة وتوزيع الثروة مما أنتج نظاما اقتصاديا مشوّها قاد الى تغول الادارة الحكومية والفشل ببناء مجتمع منتج وآمن… عموما يتعذر حصر كل النظريات السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تدعي تشخيص اسباب الفشل ببناء دولة حديثة آمنة قابلة للنمو والتطور، الا انه يلاحظ انها جميعا قائمة على اساس وجود (الخلل البنيوي) في تركيب شكل الدولة والحكم وعلاقتها بالوضع الإقتصادي والإجتماعي، أي وجود اشكال من التركيبات السياسية والإدارية لا تتلائم مع الحقائق الإقتصادية والديمغرافية الواقعية ، مما ادى الى التنافر والصراعات والضغائن ما ظهر منها وما بطن. وكانت النتيجة اننا وصلنا الى شكل من التنظيم الضعيف المفكك، لم يتفق ابناؤه بعد 93 سنة من تأسيسه على أبسط الامور مثل، (شكل العلم والنشيد الوطني)!!! ناهيك عن فشلهم في صياغة دستور جامع وهوية واحدة، ولازال التخوين والتشكيك بالوطنية والولاء قائم بين ابنائه.

ما يدعو لهذا الاستذكار السريع، هو إصرار البعض على إرتكاب نفس الخطايا، ورفض التعلم من اخطائنا الماضية، او حتى النظر لنجاحات الاخرين ودراستها.

ما يُدعى له الان من إقامة الأقاليم هي دعوة لجريمة اخرى بحق اجيال مكون معين،  وخسارة لعقود قادمة من الزمن ، حتى لو نص عليه دستور مشكك به من دعاة ومنتفعي الأقاليم أنفسهم. وهي وصفة خاطئة تجتر نفس الاخطاء السابقة التي جربناها على مدى قرن من الزمان. ( فالتنافر بين خريطة الثروة وشكل التنظيم السياسي حتما سيقود الى حروب وصراعات بلا ادنى شك ).

ما اريد التركيز عليه، هو ضرورة ان يبنى شكل الدولة وسلطاتها على اساس الواقع الإقتصادي والإجتماعي ، واي تلاعب او تهاون مصبوغ بالشعارات الساذجة يغفل حقائق الارض والثروة والمجتمع انما يصف مخدرا انياً، سريعا ما يتبدى ونعود الى أسوء مما بدأنا به.

تناولنا في مبحث سابق ان البلدان تتشكل لاحد امرين او كلاهما، (قوة قاهرة او مصلحة اقتصادية غالبة)، وهي خلاصة تأريخية لقيام الدول والتجمعات باشكالها التنظيمية المختلفة، وخلصنا الى انه لا جامع يجمع طوائفنا واعراقنا في شكل دولة واحدة قابلة للإستمرار بغياب كلا العاملين، وما تبقى ليس اكثر من شعارات وعواطف أنتجت مذابح ومشردين وسبي وأسواق نخاسة في القرن الواحد والعشرين !!

هذه الأقاليم المزعومة بحكوماتها وجنودها وشرطتها ومليشياتها ووزاراتها وسراقها ستستهلك طرفا واحدا هو (الإقليم الشيعي) وسيكون هو الخاسر الوحيد في هذه المعادلة الجائرة. وسنقترف نفس الخطايا التي قادت للفشل الذي استمر اكثر من تسعين عاما.

وكما قلنا سابقا ، سيكون للكورد مصلحة بينة في هذا التنظيم الى ان يحين موعد دولة كردستان المستقلة، التي ستكون قد استكملت بناها التحتية ومشاريعها الاستراتيجية باموال (الشروك) المخدوعين بوهم التحالف المصيري كما يسوقه بعض القيادات الشيعية اليوم !! ،  كما ان الاقليم (السني) منتفع منه ايضا وسينتج طبقة حاكمة على اساس عائلي او قبلي، وله حكومته وحرسه ومطاراته ومنافذه الحدودية وتحالفاته المستقلة (كما رأينا في حالة كردستان)، وعلاقاته الدولية الخاصة، (على الاغلب ستكون له ممثلياته في السفارات العراقية …ألخ) والممول لهذا كله هو اقليم الشروّك!! مقابل سلطة مركزية وهمية (لقادة المركز) لا تتحكم بفراش مدرسة في قرية نائية في تلك الاقاليم !! ناهيك عن التحكم بالموارد او المنافذ او الاجواء او غير ذلك من مظاهر السلطة السيادية .

المطلوب تمويل ومشاركة هذه الأقاليم بالثروة مقابل الوهم، وهذه وصفة متفجرة عاجلا او آجلا.

اين المصلحة من هذا كله؟ ربما تكون الاجابة اننا نشتري امننا ونكف شر المفخخات والمجازر عنا ، ونعود للقول ان لا شيء يضمن ذلك، فالاساس خاطئ والقسمة ضيزى ، وما تهاون به هذا الجيل ستدفع ثمنه أجيال اخرى من كل الاطراف.

ان القول بضرورة وجود مصلحة إقتصادية غالبة لتجمع المكونات في دولة انما هو مشروط بكونها مصلحة إقتصادية تبادلية، فاذا تعذر وجود صفة المصلحة التبادلية لكون احد الاطراف ربما لا يملك ما يبادله، يعوض عن ذلك التبادل المصلحي الإقتصادي او الشراكة الإقتصادية بنظام مقايضة المنفعة الاقتصادية بالمنفعة السياسية، وللتوضيح ، يمكننا النظر الى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة ، فهي دولة مكونة من سبع امارات (مشيخات) كل قبيلة تسكن إمارة محددة الجغرافيا يحكمها شيخ تلك القبيلة، هذه الإمارات لا تتمتع بنفس القدر من الثروة الطبيعية، بل ان بعضها لا يملك شيئا، فالنفط يتركز في امارة (ابو ظبي) أغنى هذه الإمارات. فكيف إستطاعت تشكيل دولة متماسكة مستقرة متطورة؟!!

استطاعت ذلك عندما اتفق الجميع على شكل من اشكال المقايضة الإقتصادية السياسية (المشاركة بالثروة مقابل السلطة)، إتفقوا على ان يكون لامارة ابو ظبي القرار السياسي (السيادي) والسلطة في مواضيع السيادة والعلاقات الخارجية والتحالفات الإستراتيجية والدفاع والمالية وغيرها من مواضيع السيادة العامة، لا ينافسها احد من الإمارات الاخرى في ذلك، مقابل تحمل الإمارة تكاليف الحكومات المحلية ورعاية تطور ونمو جميع أرجاء الدولة، مع بقاء هامش من الممارسة الحكومية الداخلية والنفوذ لكل إمارة على أراضيها.

ونجح الامر لانه تم على أساس واضح وعادل ارتضاه الجميع، ولانه حقق الموازاة والتوافق بين الثروة والسلطة.

فاذا كان ولا بد من الأقاليم ، فليتم كما فعلت الإمارات العربية المتحدة .

(*) رجل أعمال وصناعي عراقي

الاراء الواردة في كل المقالات المنشورة على موقع شبكة الإقتصاديين العراقيين لاتعبر بالضرورة عن رأي هيئة التحرير وانما عن كاتبها فقط والذي يتحمل المسؤولية العلمية والقانونية لوحده ——————————————————————————————————-

لتنزيل نسخة سهلة للطباعة كملف بي دي أف  انقر هنا

الهوامش:

1-     Toynbee, J. Arnold- Study of History, Oxford Unv. renewed copy 1974

2-     Durant, William – The Story of Civilization, MJF Books 1993

3-     Abrahamian,Ervan –  History of Modren Iran, Camberidge Unv 2008

4-     انظر ، فالح عبد الجبار، في المشكلة الطائفية،  http://www.tdiraq.com/?p=2229

5-     الدكتور بارق شبر في معرض تعليقه على مسودة الورقة.

6-     الدكتور عدنان الجنابي، الدولة الريعية والدكتاتورية ، انظر موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

7-     انظر، د. كامل العضاض ، الان قد يبدأ التقسيم الفعلي http://www.al-nnas.com/article/kadhadh/24x.htm

8-     Kuan Yew, Lee – From The Third To First World, HarperCollins publishers 2000

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (4)

  1. Avatar
    علي عبد الجبار الحياني:

    الخوف من التغيير هو مايحكم العقليه السياسية في العراق هذا اذا سلمنا بان في العراق ساسه
    ان ماطرحت استاذ مهدي لهو في رايي الخاص لهو كبد الحقيقة التي يتغاضى الكثير لان يبوح بها ان التغيير سنه كونيه لابد ان نخبرها شئنا ام ابينا
    تحياتي لكم ولجهدكم الجميل
    علي الحياني

  2. فاروق يونس
    فاروق يونس:

    الاستاذ الفاضل مهدى البناى
    ورد فى دراستكم القيمة ما يلى :
    1- ( ان ما يفرقنا هو اكثر مما يوحدنا لا نملك الا الدين والتراث وهما يفرقان اكثر مما يوحدان الدين بمذاهبه وتفسيراته وتاْويلاته وفرقه الناجية وسقائفه التامرية والتراث بحكاياته الحقيقية منها والملفقة والتاريخ بدمائه و ومجازره )
    2- ( اليس غريبا ان لا نجد لاهل الجنوب ما يربطهم بالشمال الا قبور اوليائهم ولا نجد لاهل الشمال فى الجنوب الا ما ينتظرونه من نفطه ) انتهى الاقتباس
    استاذى الفاضل مهدى البناى
    المجتمع العراقى يملك
    1- الدين 2- اللغة 3- العرق 4- التراث والحضارة القديمة والحديثة
    العراقيون يجمعهم ولا يفرقهم دين واحد هو الدين الاسلامى
    2- معظم العراقيين اكثر من 85% تجمعهم لغة واحدة هى اللغة العربية
    3- معظم العراقيين من العرب العاربة والعرب المستعربة
    اذا العراقيون تجمهم وحدة الدين واللغة والعرق اما حضارتهم القديمة فهى تراث العراق القديم المشترك يضاف اليه التراث والحضارة الاسلامية التى مضى عليها 1425 عام
    اما قولكم بان الدين يفرقنا بمذاهبه هذا خطاْ شائع واليك التوضيح
    اولا – الخلافات العقائدية
    1- العصمة للانبياء والائمة الاثنى عشر – الطرف الاخر يقول لا العصمة للانبياء فقط
    2- الصحابة – بعضهم عادل و بعضهم غير عادل بل و منافق – الطرف الاخر يقول لا كل الصحابة عدول
    3- امهات الموْمنين – عائشة خالفت الشرع وخرجت على امام زمانها – الطرف الاخر يقول بل عائشة ام الموْمنين
    4- الامامة – منصوص عليها ومحددة من الله فى حين يقول الاخرون الامامة لم يتم تحديدها من الله
    5- يجوز الاستعانة بغير الله والائمة يملكون الشفاعة – الطرف الاخر يقول لا وساطة بين الله وعباده
    ثانيا – الفقه
    خلافات بسيطة فى حول الخمس والارث ووضع اليدين على الصدر فى الصلاة
    بربك ايها القارىْ الكريم هل ان هذه الخلافات بين فقهاء الشيعة والسنة ( وليس بين المواطنين من عامة الشعب العراقى ) تستدعى تقسيم العراق ؟
    اما فيما يخص الروابط بين الشمال والجنوب فانها روابط تاريخية قوية قد يكون من بينها قبور الاولياء والذهب الاسود
    لكن حقيقة الامر ان العراق مقسم تاريخيا الى منطقتين جغرافيتين : العراق الشمالى والعراق الجنوبى ( كان العراق الجنوبى يمتد من البصرة الى الكوفة والحديث يطول فى هذا الموضوع )
    معظم سكان المنطقتين الشمالية والجنوبية من العرب المسلمين الذين يتكلمون اللغة العربية فهل هناك اقوى من هذه الروابط فى الدين واللغة والعرق؟
    اما الاولياء الذين تتحدث عنهم فى الشمال فانهم من المسلمين الذين استشهدوا على ذرى جبال كردستان ومناطق اخرى فى شمال العراق اثناء الفتح الاسلامى ومقابرهم مزارات للكرد والتركمان ووقليل من اهل الجنوب
    ان ما يجمع المسلمين هو الحديث النبوى ( بنى الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع اليه سبيلا )
    منذ 9/4/2003 يجرى الحديث عن اعادة بناء الدولة العراقية – دولة المواطنة – دولة الموْسسات وكما كان الحال عند تاسيس الدولة العراقية الحديثة حيث تشكلت بارادة بريطانية مع وجود رغبة عراقية تمثلت بطلائع ثورة العشرين فان على الخبراء والمفكرين العراقيين الذين يساهمون بافكارهم فى اعادة البناء غلى اسس وطنية – ديمقرطية اخذ الحيطة والحذر من الوقوع فى مطبات القوى الاقليمية والدولية ومنها مشروع او ( مطب ) بايدن
    مع تقديرى لما ورد فى دراسة الاستاذ مهدى البناى من اراء ومقترحات

  3. Avatar
    مهدي البناي:

    اخي الكريم السيد محمد سعيد العضب المحترم / ساتغاضى عن اتهامات الطائفية (فهذه متوقعة) كما لا تنسى ان الزمن طائفي ايضا والاحلاف طائفية والمنطقة ككل مقسمة طائفيا، وحكومة البلد تقسم بالمحاصصة الطائفية !!! واعيادنا وصلاتنا واسماؤنا طائفية ايضا ،فما الغريب في ذلك؟
    الفكرة ياعزيزي هي محاولة البحث عن اساس متين وصيغة عادلة غير الشعارات وطريقة التجميع (الاستعمارية) لتكوين بلد ودولة قابلة للاستمرار ومتمتعة بالامن. واسمح ان ان اختلف معك في جزء مهم جدا وهو (أنا ارى ان السبب الاقتصادي واحد من اهم وابرز ولعله السبب الرئيس في تكوين الامم، بل لي نظرية في موضوع السبب الاقتصادي حتى للاديان) والحديث يطول في هذا المجال.
    الواقع وعلى مدى قرن من الزمن اثبت وجود الخلل البنيوي، فدائما ما كانت هناك مكونات تدفع ثمن سلطة مكونات اخرى. كما ان شكل النظام والدولة الحالي يستهلك حياة ومستقبل ابنائه.
    واما بخصوص حكم الشيعة منذ 2003، فقد اصبت الحقيقة، نعم فشلوا في بناء دولة لاسباب عديدة منها ذاتية ، ومنها تهديدات ومحاربة خارجية ، ومنها ما نحاول تشخيصه هنا، وتشبثوا بسلطة وهمية وفقدوا السيطرة على ثلثي البلد.
    ارجو التفريق بين الدولة ككيان وهوية جامعة عن مفهوم السلطة، لم ننجح في بناء الدولة منذ قرن، وعلينا البحث عن الاسباب بشجاعة!!!
    واتفق معكم بخصوص اخفاق النخب، نعم لم يتهيأ لنا قادة (من كل المكونات) بمستوى الحدث التأريخي. الزعماء الحاليين استغلوا الواقع الاقتصادي والاجتماعي المتخلف، ونسبة الامية بل الجهل المستشري، وركزوا على التعبئة لا التنمية. ولي في ذلك بعض الكتابات منشورة في مواقع اخرى.
    شكرا لمرورك الكريم
    محبتي

  4. Avatar
    محمد سعيد العضب:

    اتسمت الدراسة القيمة بعرض نظري مسهب في شروط ومستلزمات بناء الدول والحضارات مع ذلك ظلت الاستنتاجات تحوم في ظل تعميق النعرة الطائفية ,استنادا علي حسابات الكاتب للربح والخسارة التجارية او الكلفة والمنفعة الاجتماعية في احسن تقدير . فمثل هذه المداخل قد لا تنسجم او تتلاءم دائما مع تشكيل وبناء الامم.
    فالشيعة في العراق وحسب راي الكاتب هم الخاسر الاول في معادله بناء الدولة الجديدة في العراق بعد الاحتلال . كيف يمكن تصور ذلك؟ , وان احزابهم هي المسيطرة علي تلابيب السلطة وتتحكم في الشارع وتنظيم الملايين , و بدعم من مرجعيه دينيه مؤثره وفاعله .
    فهل هناك ضياع فكري لدي هذه الاحزاب؟ وغابت عنها تصورات العمل الفعلي, او انها تفتقر حقا لبرامج واضحه لحل مشكلات الجماهير التي تعاني من البطالة والفقر والبؤس والضياع واصبح من اهدافها العليا وغاياتها السامية اشغال الجماهير وتسكين الجماهير بمتاهات الاخرة وليس بالحياة .
    عموما عليه… الا يمكن اعتبار اخفاق هذه النخب من اهم اسباب ازمات العراق الحالية ومحاولات الاخرين الاستفادة من الفراغ السياسي و النفاذ واستغلال الاوضاع لمصالحهم الفئوية او المناطقية مثلا ( الكرد في الشمال او السنه في الغرب )

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: