خواطر إقتصادية

سمير عباس النصيري: الاصلاحات الاقتصادية واستراتيجية الامن الوطني

يمر العراق حاليا بمرحله حرجة ومهمة وحساسة نظرا للظروف السياسية والامنية والاقتصادية ويمكن تحديدها بشكل خاص بما يتعلق بهبوط اسعار النفط العالمية والحرب على الارهاب وانعكاسات ذلك على الركود الاقتصادي وبروز ازمة السيوله الخانقة ادت الى عجز كبير في الموازنة العامة لعام 2015 بحدود (25) ترليون دينار ومتوقع ان ترتفع الى اعلى من ذلك بسبب الهبوط الاخير لاسعار النفط وفق اخر البيانات المعلنة وارتفاع معدلات نسب البطالة الى اكثر من 30% لقوى العمل القادرة على العمل وارتفاع معدلات نسبة الفقر الى حدود 25% وفقا للمؤشرات الرسمية الصادرة عن وزارتي التخطيط والعمل والشؤن الاجتماعية بسبب ارتباك وسائل السياسة النقدية وفقدان التنسيق بينها وبين السياسة المالية الامر الذي ساعد على ضعف السيطرة على سعر صرف الدينار العراقي مقابل العملات الاجنبية مما ادت كل هذه التحديات الى ارتفاع معدلات تفشي حالات الفساد المالي والاداري ومعاناة الشعب العراقي في نقص الخدمات والقصور الواضح في تحقيق الامن الغذائي والدوائي وضعف السيطرة على الوضع الامني في بغداد والمحافظات وهجرة اكثر من ثلاثة ملايين نازح من محافظاتهم التي تتعرض الى احتلال من قبل قوى الارهاب بما يسمى بداعش مما ادى الى ارتباك استارتيجية الامن الوطني والتي يجب ان تشكل الاساس في استقرار العراق سياسيا وامنيا واقتصاديا يضاف الى ذلك ما رافق عملية التغيير بعد عام 2003 من ارباك وعدم وجود رؤية سياسية واقتصادية موحدة لشكل الدولة الجديدة وكيفية ان يكون البناء الاقتصادي فيها حيث تم الضياع بين اقتصاد مركزي وبين تمنيات للانتقال الى اقتصاد السوق ادى الى ظروف داخلية معقدة اعاقة العملية التنموية للعراق بالرغم من مضي اكثر من اثنا عشر عام على التغيير واصبح الامر اكثر تعقيدا وصعوبة مع التغيرات الحاصلة في المنطقة العربية بسبب ثورات الربيع العربي ورغبتها بالتغيير نحو بناء انظمة ديموقراطية توفر الحرية والرفاهية الاقتصادية والتنمية المستدامة لاوطانها .
 
لذلك نعتقد ان بناء اسس استراتيجية الامن الوطني بمفهومه الشامل مع التركيز على الجانب الاقتصادي يجب ان يتمخض عنها تحقيق الامن والاستقرار والتنمية الاقتصادية بما يساهم في تحقيق رفاهية المجتمع وان تكون فعالة وقابلة للتنفيذ في الظروف الحالية التي يعيشها العراق لذا فان الكثير من المواطنين ومن مختلف المستويات الحكومية والسياسية والاقتصادية واساتذه الجامعات ومنظمات المجتمع المدني من الشباب والنساء والمهنيين يجب ان يساهموا باعدادها من خلال ما يطرح الان من مطالبات مشروعة للمواطنين في ساحات الاصلاح في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية.
ان ضخامة التهديدات على العراق داخليا وخارجيا ونركز هنا على التهديدات التي تخص توقعات الانهيار الاقتصادي وهدر المال العام واستمرار هبوط اسعار النفط عالميا يتطلب الوقوف بحزم لجميع الجهات الحكومية والسياسية والشعبية من اجل حماية العراق وادامة بناء اقتصاده وفق المعطيات الواقعية التي تحت مستوى نظر الجميع لذلك نرى وبشكل لايقبل الشك ان الاصلاحات الاقتصادية التي اعلنها السيد رئيس الوزراء والتي اغلبها تحتاج الى وقت طويل لغرض تنفيذها يتطلب اعادة النظر بها بالاتجاهات التي يجب اعتمادها كاستراتيجية اقتصادية لتحقيق الامن الوطني يركز فيها على المادة 25 من الدستور ومواد اخرى تتعلق بان تكفل الدولة حياة كريمة للفرد والاسرة وتضمن العدالة الاجتماعية بين جميع فئات وطوائف الشعب العراقي كما ان هذه الاستراتيجية يجب ان تتضمن تطبيقا واقعيا لمحاور البرنامج الحكومي وحزم الاصلاحات الاقتصادية والسياسية والخدمية التي اعلنتها الحكومة ومجلس النواب والاهم من ذلك المطالبات
المشروعة للشعب في القضاء على الفساد المالي والاداري ومعالجة البطالة والفقر واعادة اموال العراق المسروقة من المفسدين والسراق للمال العام.
 
المبادى الاساسية الاقتصادية لاستراتيجية الامن الوطني
 

  1. سيادة العراق وسلامة ووحدة اراضيه
  2. بناء اقتصاد وطني سليم متعدد الموارد
  3. القطاع الخاص يلعب الدور المحوري لقيادة السوق
  4. توفير الامن الغذائي والدوائي والبيئي للمواطنين
  5. تامين الحياة الكريمة للفرد والاسرة
  6. اصلاح وتطوير القطاع المالي والمصرفي وزيادة نسبة مساهمتها في التنمية الاقتصادية
  7. تكفل الدولة ضمان العدالة الاجتماعية للمواطنين
  8. حماية روح المواطنة والسلم الاهلي
  9. اصلاح وتطوير مؤسسات الحوكمة الرشيدة لتقديم افضل الخمات للمواطنين
  10. امن المعلومات والشفافية في البيانات والمؤشرات الاقتصادية

نلاحظ من خلال تحليل المبادى الاساسية والاقتصادية اعلاه ان بناء الاقتصاد السليم والذي يحقق بنتائجه النهائية في الازدهار والرفاهية للمجتمع هو الاساس في بناء استراتيجية للامن الوطني تتعدى حماية الامن الداخلي الى حماية الوطن وضمان سلامته من الاعداء الخارجيين لذلك نؤكد هنا ان تعزيز الامن الوطني في الداخل ومن الخارج يتطلب من جميع الجهات المعنية الحكومية والسياسية والقطاع الخاص وخبراء الاقتصاد دراسة ومناقشة وتحليل التحديات و الاجراءات الاصلاحية من اجل عراق امن واقتصاد متين لذلك نقترح ما ياتي:-
 

  1. تفعيل المحاور التي وردت في البرنامج الحكومي من خلال وضع سياسات واليات تنفيذية وتطبيقية لتطوير القطاعات الاقتصادية بالاتجاهات التي تحقق ما ورد في هذه المحاور في جوانبها التفصيلية وتحديد سقف زمني لتنفيذ كل مادة من مواد المحاور المشار اليها اعلاه.
  2. قيام الحكومة بتشكيل المجلس الاعلى للشؤن الاقتصادية والذي يتشكل من خبراء من الحكومة والقطاع الخاص من اجل القيام بالاصلاح الاقتصادي والخطوة الاولى منه الاصلاح المصلرفي وبما يعزز دور البنك المركزي العراقي والوزارات المعنية بالشان الاقتصادي (المالية والزراعة والصناعة والتخطيط والنفط والكهرباء) بما يعزز من التنسيق الفاعل والمتناغم بين السياستين المالية والنقدية وتحقيق هدف تنويع الموارد وعدم الاعتماد على النفط في الموازنات العامة للدولة كمورد اساسي.
  3. اتحاذ الاجراءات السريعة لمعالجة ازمة السيولة المالية التي يعاني منها العراق بسبب هبوط اسعار النفط والحرب على الارهاب والمشاكل الاقتصادية الذاتية وسوء التخطيط الاقتصادي وعدم الاستفادة من الخبرات الاقتصادية والمالية والفنية في ادارة عمل الحلقات الاساسية الاقتصادية في الدولة والاعتماد على شخصيات حزبية غير كفوئة مهنيا وتخدم احزابها وكتلها فقط واعتماد تجارب دول العالم والعراق السابقة عند مواجهته للحصار الاقتصادي كالدفع بالاجل والاقتراض الداخلي والتقشف واعداد ميزانية حرب .
  4. تفعيل ووضع اليات تنفيذية لاجراءات الاصلاح الاقتصادي وتطوير القطاع الخاص التي اعدتها لجان الخبراء المختصة في مجلس الوزراء مع التركيز على ما تناولته في المحاورالزراعي والصناعي والتمويل والتامين والسياحة والخدمات والبدء فعلا في تنفيذها وتحديد السقوف الزمنية لوضعها موضع التنفيذ وتحديد عناصر التنفيذ اخذين بنظر الاعتبار الظروف التي يمر بها العراق حاليا
  5. تفعيل وتطبيق وتحديد اليات وتعليمات تنفيذ المبالغ التي خصصها البنك المركزي العراقي والبالغة ترليون دينار لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وخمسة ترليون دينار لتمويل المصارف المتخصصة (الزراعي والصناعي والعقاري وصندوق الاسكان) مع وضع اسس واضحة تضمن شفافية البيانات والجهات التي تم اقراضها من قبل المصارف الحكومية والاهلية ووضع رقابة استباقية واثناء التنفيذ وبعد التنفيذ على الجهات المستفيدة من هذه القروض بما يخدم الهدف المركزي من تخصيصها لتسريع الدورة الاقتصادية والحد من البطالة وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطه والمساهمة في التنمية الاقتصادية مع استحداث دائرة في البنك المركزي العراقي للمتابعة والتقييم والمراجعة لتطوير مبادرته باتجاهات اعلى من ما خصص حاليا.
  6. وضع الاجراءات التنفيذية لتفعيل وتنفيذ الاستراتيجيات الموضوعة والمقرة والمعلنة والخاصة بتطوير القطاع الخاص الزراعي والصناعي والمصرفي وفقا للاولويات التي اعتمدتها هذه الاستراتيجية وعدم اركانها على الرفوف دون تنفيذ.

 
(*) باحث وخبير اقتصادي، مستشار مجلس الادارة – مصرف دار السلام للاستثمار
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 13/9/2015

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (1)

  1. Avatar
    علي ابو خمسي:

    ياريت دكتور نجد الاذن الصاغيه لذلك شخصيا عندي تفاؤل لوجود دكتور مظهر مع العبادي ولا اعلم مدى استجابة العبادي للرؤيه التشخيصيه للاقتصاد وايضا اخذ الاول رؤكام اضافه الى تصوراته

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: