تقديم د. مدحت القريشي *
ابتدأت معرفتي بالأستاذ مصباح كمال في عام 1962عندما التحق كلانا بالبعثة العلمية للدراسة في انجلترا في سبتمبر (أيلول) من العام المذكور، والتقينا في مدينة واحدة للدراسة هي سوانزي وفي كلية واحدة هي الكلية التقنية. وبدأنا في الدراسة التحضيرية للدخول إلى الجامعة؛ هو كان يحضّر لدراسة العلوم السياسية وأنا أحضر لدراسة الاقتصاد. ومنذ ذلك الوقت أصبحنا زميلين ومن ثم صديقين. فقد أنهى مصباح دراسته الجامعية الأولية وحصل على البكلوريوس في العلوم السياسية من جامعة سوانزي بدرجة شرف ثانية وحصلت أنا على البكلوريوس في الاقتصاد بدرجة شرف ثانية.
بعدها عدنا إلى العراق وعملنا في مجالين مختلفين. وكنت اتوقع وأتمنى أن يواصل مصباح دراسته العليا للحصول على الدكتوراه في العلوم السياسية ليصبح أكاديمياً لأنه كان ذكياً ومجتهداً وطموحاً، لكن الظروف حالت دون ذلك. وبسبب صعوبة الحصول على فرص العمل في حينها، وخصوصا في مجال تخصصه، اضطر إلى العمل في شركة التأمين الوطنية. وكان اخر ما توقعته له أن يعمل في شركة تأمين لأنها بعيدة عن اختصاصه وميوله. وبسبب صفاته المذكورة آنفاً فقد بذل جهوداً كبيرة وحثيثة في عمله ووظف قدراته العلمية بشكل جيد ليصبح ملماً بأمور عمله وليصبح خبيراً في التأمين، وخصوصاً بعد أن حصل على شهادة الماجستير في العلوم الإدارية من احدى كليات سيتي يونيفيرستي لندن (كانت أطروحته حول ما يعرف بتأمين أخطار الإنشاء) وليعمل بعدها في إحدى شركات وساطة التأمين في لندن، ويصبح بعدها مستشاراً مرموقا في التأمين.
لعلني لا أبالغ إذا قلت بأنه هو الآن بمثابة موسوعة متكاملة عن التأمين في العراق لكثرة بحوثه وكتاباته ومتابعاته لشؤون التأمين في العراق واهتمامه المستمر بها. وهو يكتب عنها بأسلوب موضوعي وأدبي مشوق فضلاً عن الدقة في التعبير والمهنية والالتزام بمصالح العراق الأساسية في كل ما يكتب. فهو يجيد اللغة العربية كما يجيد اللغة الإنجليزية؛ وهو مثقف له اهتمامات متعددة بأمور الثقافة بمفهومها الواسع؛ ويتميز بالأخلاق العالية والادب واللياقة حتى أنه يتحرج من إطلاق لقب الأستاذ عليه لأنه يرى أن هذا اللقب يجب ألاّ يطلق جزافاً وأن يبقى مقيداً بالعُرف الجامعي. لكنه يستحق اللقب ليس فقط بالمعنى الصميمي والواقعي، والذي يعكس مكانة الشخص في المجتمع، وإنما لحيازته على شهادة جامعية تؤهله لأن يكون أستاذاً.
وقبل ان اختتم الحديث عن المؤلف أود القول بان الأخ الراحل محمد مبارك، وقد كان زميلاً لنا لبعض الوقت في مدينة سوانزي، كان يشير إلى أحمد فياض المفرجي بأنه مؤرخ المسرح العراقي، وأنا استعير هذا الاصطلاح لأقول بأن مصباح كمال مؤرخ قطاع التامين في العراق من خلال كتاباته ورصده الجيد للنشاط التأميني، وعدا ذلك فإنه نشر كتاباً بعنوان أوراق في تاريخ التأمين في العراق: نظرات انتقائية (منشورات شركة التأمين الوطنية، 2011).
ويسعدني ان أقوم بتقديم هذا الكتاب المهم إلى القراء الكرام وهو بعنوان: التأمين في الفكر الحكومي وغير الحكومي.
تتأتى أهمية الكتاب من أهمية قطاع التأمين من جهة والإهمال الكلي الذي يعانيه هذا القطاع من الجهات الحكومية وغير الحكومية من جهة أخرى. فالقطاع “يلعب دوراً إنتاجياً من خلال التعويض عن الأضرار والخسائر المادية التي تلحق بالأفراد والعوائل والشركات، كما يلعب القطاع دوراً استثمارياً من خلال تجميع أقساط التأمين” على حد تعبير المؤلف. ومن شأن هذا الدور أن يزداد مع التطور الاقتصادي والاجتماعي وتعاظم حجم اقساط التأمين، وضمان استعادة شركات التأمين المجازة لدورها في الاكتتاب بأقساط التأمين، إذ أن قدراً كبيراً من الاقساط يتسرب إلى الخارج دون وجه حق. والمؤسف أن هناك جهلاً عاماً بالأهمية الاقتصادية لقطاع التأمين لدى معظم اعضاء الحكومة والنواب وغيرهم، الأمر الذي يفرض على شركات التأمين وعلى المعنيين بالأمر أن يقوموا بمهمة متابعة شؤون القطاع وتقديم المقترحات والأفكار والسياسات المطلوبة لتنمية وتطوير القطاع.
كما تتأتى أهمية الكتاب أيضاً من أهمية المؤلف، حيث أنه كاتب رصين وموضوعي ومهني أمضى سنوات عمره في العمل والكتابة عن قطاع التأمين في العراق، رغم أنه يعيش في إنجلترا منذ نهاية السبعينيات. والمؤلف فضلاً عن ذلك يتصف بالأمانة والجرأة في طرح افكاره والالتزام الدائم بمصالح العراق الأساسية ولا تأخذه في الحق لومة لائم فيما يكتب.
والكتاب الذي بين أيدينا كتاب جامع وشامل لبعض جوانب التأمين في العراق يضاف إلى كتبه الأخرى. فهو يبرز الواقع والمشكلات التي يواجهها القطاع، ومسألة تحديث قطاع التأمين وإعادة هيكلته، وقضايا التأمين في المؤتمرات العلمية ومدى حضورها في الانتخابات العامة، ومنهاج الحكومة للقطاع، وموقف البنك الدولي من القطاع وكذلك موقف الصحافة العراقية من الموضوع، فضلاً عن تحديد الإجراءات والسياسات الملائمة لتنمية وتطوير قطاع التأمين في العراق.
وبخصوص واقع ومشكلات القطاع فإن التأمين جزءٌ لا يتجزأ من القطاع الاقتصادي العام، ولأن الاقتصاد العراقي يعاني تدهوراً خطيراً في جميع المجالات وعلى نحو متراكم منذ بداية الثمانينيات، فابتداء بالحروب العبثية التي توالت في العراق، ومروراً بالحصار الاقتصادي والشامل وغير المسبوق الذي دام اثنتي عشر عاماً، وانتهاءً بغزو العراق واحتلاله وتخريب جميع مؤسسات الدولة الامنية والاقتصادية، كل هذا أدى إلى تدهور قطاع التأمين، وهو أمر ليس بالغريب. والحكومات المتعاقبة، من جهتها، عندما تعتمد على مصادر غير دائمية لتمويل جزء من الانفاق العام والمتمثل بالمبالغ المدورة للسنة أو السنوات المنصرمة في تغطية عجز الموازنة الاتحادية فإن ذلك يعكس عجز السياسة المالية المتبعة عن إيجاد وتطوير مصادر التمويل الدائمية وتغيير تركيبة الإيرادات العامة فكيف يمكن توقع اهتمام الحكومات بقطاع التأمين وهو أحد مكونات موارد الموازنة. وعليه يمكن القول بأنه إذا لم يتم إصلاح الوضع العام في البلد لا يمكن تطوير وتنمية قطاع التأمين في العراق.
ويذكر المؤلف في كتابه هذا الكثير من المؤشرات والحقائق التي تعكس الواقع المتدهور والمشكلات التي يعاني منها قطاع التأمين في العراق ومنها:
- إن النشاطات التجارية والاستثمارية في مختلف القطاعات لا تعطي أهمية للحماية التأمينية.
- إن تجارة الاستيراد العراقية لا تخضع للتأمين لدى شركات التأمين العراقية وذلك لأن توجيهات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي لم تنص على إجراء التأمين بموجب عقد البيع على أساس التكلفة والشحن، والمعروف بالإنجليزية اختصاراً C&F)) بل تنص على التكلفة والتأمين والشحن CIF))، وهذا معناه أن المشتري العراقي يترك نشاط التأمين للمجهز.
- إن الضوابط المفروضة على شركات التأمين العراقية أكثر صرامة من الضوابط التي تطبق على فروع شركات التأمين الأجنبية، ومنها الأشكال المختلفة للضرائب التي تدفعها، وهذا إجحاف كبير.
- إن كفة التبادل التجاري للعراق تميل لصالح دول الجوار وغيرها ولهذا فإن هذه الدول، بطبيعة الحال، تكون هي المستفيدة الكبيرة منه سواء في مجال تجارة السلع أو في مجال التأمين.
وتجدر الاشارة الى أن انفتاح السوق العراقية على مصراعيها وبالشكل الفوضوي وغير المسؤول لكل انواع السلع ودون ضوابط أو فرض الرسوم الجمركية أو الرقابة على الجودة والمواصفات، والتي أعقبت القوانين والتعليمات التي جاء بها الحاكم المدني لسلطة الاحتلال (بول بريمر) أدت إلى توقف الكثير من المصانع عن الانتاج لعدم قدرتها على المنافسة وتصريف الانتاج، علما أن معظم السلع المصنعة الداخلة للعراق رديئة النوعية وتباع بأسعار متدنية، وربما دون مستوى تكلفة إنتاجها، ما يثير الشكوك حول وجود حالة ما يعرف بالإغراق (Dumping) والتي تهدف إلى استغلال السوق والسيطرة عليه لاحقاً.
إن السياسات التي جاء بها بريمر تستند إلى السياسات والمخططات المرسومة للعراق والمنطقة من قبل واضعي الاستراتيجيات في الولايات المتحدة الامريكية لإخضاع الاقتصادات في المنطقة إلى مصالحها الاستراتيجية ومصالح جهات أخرى. إن الاساس الاقتصادي النظري لهذه السياسات يستند على معطيات وطروحات المدرسة الكلاسيكية الجديدة والتي تتبنى منهج السوق الحرة وعدم تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي، وتؤكد أن على الحكومة ان لا تحاول تطبيق أية إجراءات مضادة للدورة التجارية لغرض السيطرة على الانتاج أو التشغيل بذريعة عدم فاعلية السياسة الحكومية (Policy). إن مثل هذه السياسات فرضتها المؤسسات التمويلية الدولية مثل الصندوق والبنك الدوليين على البلدان النامية المقترضة، وقد ثبت فشلها في معظم الحالات.
وتجدر الإشارة بأن طروحات المدرسة الكلاسيكية الجديدة تستند على فرضيات غير صحيحة ومنها: إمكانية تحقق التصحيح الذاتي للاقتصاد، ومرونة الأسعار والأجور التامة، وتحقق التشغيل الكامل. ولهذا فهم يرون بأنه لا فائدة من التدخل الحكومي لعدم فاعلية السياسات الحكومية.
إن العديد من الكتاب في مجال الاقتصاد الكلي يرفضون استنتاجات وطروحات المدرسة الكلاسيكية الجديدة لأنها، بنظرهم، تستند على فرضيات غير صحيحة.
وفي ضوء الواقع القائم والمشكلات التي يواجهها الاقتصاد العراقي فإن جميع المبررات لتدخل الدولة متوفرة لاستخدام وسائل الحماية والدعم لتوجيه الاقتصاد الوطني باتجاه إعادة البناء والاعمار إلى جانب إعادة تأهيل وتنمية النشاطات الانتاجية كالصناعة والزراعة والطاقة والنقل … الخ. وفي نفس الوقت تخطيط الاستيرادات بما يتوافق مع الأهداف التنموية المرسومة. إن التوجه نحو الحماية والدعم في هذه المرحلة ينسجم مع حجة الصناعة الناشئة التي طرحها الاقتصادي الالماني (فردريك ليست) لتبرير حماية الصناعة الالمانية الفتية أمام منافسة المنتوجات البريطانية إبان الثورة الصناعية وذلك لحين اكتساب الصناعة الالمانية القدرة التنافسية ليتم بعدها تخفيف الحماية ومن ثم الغاؤها. وبالرغم من أن الحماية والدعم في البداية يؤديان إلى ارتفاع التكاليف الانتاجية والأسعار، وبالتالي تكون على حساب المستهلك المحلي إلا أن تبرير ذلك هو أن المنافع الاقتصادية المتوقعة من الحماية سوف تعود على البلد وعلى المستهلك عندما تتعزز وتتطور هذه الصناعة وتنخفض تكاليف الانتاج وبالتالي الأسعار.(1)
إن مثل هذا الوضع الشاذ بالنسبة للاقتصاد العراقي واستمراره على هذا الحال هو أيضاً انعكاس لغياب الرؤية الاستراتيجية والتنموية لدى الساسة العراقيين ومتخذي القرارات وجهلهم أو قبولهم بكل ما يجري في البلد. والغريب في الأمر أن الولايات المتحدة الامريكية نفسها تسارع إلى اتخاذ الاجراءات الحمائية ضد أي بلد يزاحمها في إحدى المنتجات ويضر بمصالحها، وذلك باللجوء إلى تقنين الاستيراد للمُنتج من ذلك البلد أو تفرض رسوماً جمركية ضده بذريعة حماية العمالة في تلك الصناعة، علما ان ظروف الولايات المتحدة مستقرة إلى حد بعيد فكيف بالعراق الذي يعيش ظروفاً استثنائية منذ زمن طويل. وقد دفع هذا الواقع في العراق الصناعيين وغيرهم إلى القول بأن الدولة تسمح باستيراد كل شيء حتى الماء والهواء وتهمل الصناعة، وأنا اقول أكثر من ذلك، وقد ذكرتها في مقالة لي سابقاً،(2) بأن الحكومة والسياسيين والمواطنين جميعاً يسهمون بقتل الصناعة العراقية. وقد نجحت هذه السياسة الفاشلة في تخريب الاقتصاد العراقي وجعلته يتخبط ويترنح في كل مرة تهبط فيها أسعار النفط العالمية.
والسؤال المطروح والملح هو لمصلحة من تستمر حالة الاهمال المتعمد للصناعة الوطنية عموماً والنشاط التأميني خصوصاً؟ هل هو لخدمة المصالح التجارية المحلية أم المصالح التجارية لدول الجوار وغيرها، أم هي تنفيذاً أميناً لسياسات الاقتصاد الحر وتوجهات المؤسسات المالية الدولية والبلدان الرأسمالية الغربية والبلدان الأخرى حتى وإن كانت على حساب المصلحة الاقتصادية العليا للبلد وعلى حساب فرص إعادة الاعمار والتنمية فيه.
في ضوء الواقع الراهن لقطاع التامين في العراق والمشكلات التي يعاني منها فإن المؤلف يحدد عدداً من الإجراءات والسياسات المطلوبة لمعالجة مشكلات القطاع وتعزيز دوره وأهمها:
- الاشتراط على الدوائر المختصة إجراء التأمين لدى شركات التأمين المسجلة والمجازة من قبل ديوان التأمين العراقي، وهو ما يطلق عليه المؤلف تعبير (توطين التأمين)، وتحريم إجراء التأمين خارج العراق.
- اشتراط أن تكون استيرادات العراق بموجب شرط التكلفة والشحن بدلاً من التكلفة والتأمين والشحن وذلك لكي تضمن قيام شركات التأمين العراقية بمهام التأمين.
3.فرض غرامات مالية وغير مالية عند مخالفة شروط التأمين.
4.النص في عقود الدولة على إجراء التأمين مع شركات تأمين مسجلة ومجازة في العراق.
- تأمين صناعة النفط والغاز في جميع مراحلها لدى شركات التأمين في العراق.
ولما سبق يستنتج المؤلف، وهو محق في ذلك، بأنه في ضوء الواقع الراهن والتطورات المحتملة في المدى القريب فإنه من المستبعد ان تزداد فعاليات التأمين على المستوى الكلي أو على مستوى كثافة سوق التأمين ما لم تحدث نقلة نوعية في الرؤى والسياسات الاقتصادية والأداء.
وفي الختام لا يسعني إلا ان أثمن وأشيد بالجهد الكبير الذي قدمه المؤلف والذي سيغني المكتبة العراقية والعربية ويكون مصدراً مهماً في مجال التوسع في بحث شؤون التأمين في العراق وعوناً كبيراً لكل العاملين في هذا القطاع وللجهات الحكومية والباحثين والمؤسسات الاقتصادية.
أتمنى للمؤلف الاستاذ مصباح كمال استمرار العطاء المميز خدمة لعراقنا الحبيب.
(*) دكتور مدحت كاظم راضي القريشي
استاذ الاقتصاد المساعد
ورئيس قسم العلوم المحاسبية والمصرفية
كلية المنصور الجامعة، بغداد، 19 سبتمبر (ايلول) 2015
(1) للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع انظر: د. مدحت القريشي، تطور الفكر الاقتصادي (عمّان: دار وائل للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2008).
(2) نشرت المقالة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين بعنوان “الحكومة والسياسيون والمواطنون جميعهم يسهمون بقتل الصناعة العراقية.”
http://iraqieconomists.net/ar/2015/07/15/%d8%af-%d9%85%d8%af%d8%ad%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b4%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%88%d9%85%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d9%88%d9%86-%d9%88%d8%a7/
لتنزيل النسخة الالكترونية الكاملة للكتاب انقر هنا
باحث وكاتب عراقي متخصص في قطاع التامين مقيم في المهجر
عزيزي الأستاذ فاروق يونس
لقد أثرت في تعليقك القصير موضوعات عديدة سأكتفي بالتعليق المختصر على بعضها.
منذ سنوات وأنا اسمع بأن هناك توجهاً نحو إعادة النظر ببعض أحكام الأمر رقم 10، إلا أن شيئاً من هذا التوجه لم يتحقق على أرض الواقع. واكتفى ديوان التأمين بإصدار بعض التعليمات اعتماداً على هذا الأمر. وما زالت شركات التأمين العراقية بانتظار ما سيخرج من الأمانة العامة لمجلس الوزراء الذي قيل لي، سنة 2011، بأنه بصدد تعديل هذا الأمر.
فيما يخص تدوين الأمر رقم 10 أود أن اقتبس التالي من صفحة الشكر والتقدير في كتابي (قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية، بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014) لأنها تذكرنا بشئ من خلفية الأمر وقد قلت فيها:
“كان لأستاذي العزيز عبد الباقي رضا دور أثناء إعداد مسودة قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 رغم أن المشروع الذي تقدم به سنة 2004 لسن قانون جديد لم يجرِ العمل به كاملاً. ففي رسالة له بتاريخ 21 تشرين الثاني 2011، اقتطف منها أدناه لأنها توثق لهذه المرحلة في إعداد القانون، ذكر ما يلي:
“كل ما أعرفه عن القانون هو أني تلقيت نسخة من النص الإنكليزي لمشروع القانون وصلتني من وزير المالية السيد عادل عبد المهدي فكتبت إليه ملاحظاتي بتسع صفحات، ثم حصل أن اطلعت على القانون الأردني المعدل فأعجبني فكتبت إلى السيد الوزير مقترحاً عليه اعتماد القانون الأردني وإدخال تعديلات عليه تقتضيها تجربتنا وقد استحسنت لغته العربية القانونية السليمة تجنباً من اضطرارنا إلى ترجمة النص الإنكليزي ترجمة غير موفقة كما وجدنا في العديد من ترجمات القوانين التي أصدرها بريمر ولم يتحرك أحد لإصلاحها حتى الآن رغم المشاكل التي حصلت من تطبيقها … طرحت نفس الفكرة، أي اعتماد القانون الأردني، على أحد وزراء حكومة السيد إياد علاوي فعرضها على رئيس الوزراء فوافق عليها فكتب بها إلى وزارة المالية وكلّفني والمستشار القانوني لرئيس الوزراء، الصديق د. فاضل محمد جواد، لإعداد مشروع القانون. في هذه الأثناء حان موعد سفري إلى الولايات المتحدة فاجتمعت بالدكتور فاضل وسلمته نسخة من القانون الأردني وملاحظاتي على النص الإنكليزي للمشروع المقترح وغادرت العراق. بعد هذا لا علم لي بأي شيء حتى اطلاعي على القانون [قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 المعروف بالأمر رقم 10] منشوراً في الوقائع العراقية.”
هذا مثال واحد فقط من حالات عدم الاستفادة من الكفاءات العراقية الخبيرة داخل العراق.
أعلم بأن ممارسو التأمين في العراق مُقلّون في الكتابة، ومع ذلك أتمنى أن ينهض البعض منهم بمهمة إعادة النظر بالأمر رقم 10، وتكوين موقف موحد يمثل مصالح شركات التأمين العامة والخاصة.
مع خالص التقدير.
4 تشرين الأول 2015
استاذى العزيز مصباح كمال
اشكرك جزيل الشكر على هذه الايضاحات ولكن الاهم من ذلك ابارك لك جهودك وحرصك على مصالح العراق وذلك من خلال حرصك على تامين وتحقيق مصالح شركات التامين العراقية ( الحكومية والاهلية )
اخى العزيز
كان هناك فى العراق ( ديوان التدوين القانونى ) يضم مخموعة من الخبراء العراقيين فى القانون من مهامه تدقيق اللوائح القانونية ( مسودات القوانين ) تدقيقا شاملا من حيث اللغة والصياغة وعدم التداخل او التعارض مع قوانين اخرى نافذة المفعول — الخ
لكن سلطة الاحتلال الامريكى ضربت عرض الحائط الاسلوب المعتمد فى تشريع القوانين ليس فى العراق وحسب بل فى سائر دول العالم وجاءت ( اوامر بريمر ) ركيكية فى الصياغة وكنت اقراْ على مجموعاتها عبارة ( لا يعتد بالنص العربى لانها مكتوبة اصلا باللغة الانكليزية ) وكانها تشريعات كتبت لغير العراقيين
لقد قام مجلس النواب بالغاء وتعديل بعض اوامر بريمر التى لها قوة القانون ولكن ذلك لم يمس قطاع التامين العراقى
ما هى الحكمة من اجراء التامين البحرى على استيرادات العراق من قبل شركات اجنبية خارج العراق ؟ ليس هناك اى حكمة اللهم الا اذا كان الجهل بمصلحة العراق حكمة وحينئذ اقول ( ما ضرنا لو كنا مجانين ؟!)
لا ادرى ان كان لدى ( مجلس شورى الدولة ) خطة لاعادة النظر فى الاوامر والقوانين التى صدرت بعد 2003 من اجل تدقيقها واصلاح ما يتطلب الاصلاح منها
مع خالص التقدير
بدقته المعهودة، لفت الأستاذ فاروق يونس نظر القراء إلى تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم 1 لسنة 2005، فيما يخص شروط التجارة الدولية، وإلى قانون تأسيس شركة التامين الوطنية، فيما يخص حصر تأمينات الدولة لدى هذه الشركة، في تعليقه على تقديم د. مدحت القريشي لكتاب (التأمين في التفكير الحكومي وغير الحكومي، 2003-2015، مكتبة التأمين العراقي).
ومساهمة في توضيح بعض جوانب ما أثاره، أود أن أقول التالي:
(1) إن تعليمات وزارة التخطيط كانت موضوعاً لتعليق قصير في هذا الكتاب. وقد ورد ذكرها بشيء من التفصيل في كتاب سعدون مشكل خميس الربيعي (شركات التأمين الخاصة وقطاع التأمين العراقي، مكتبة التأمين العراقي، الطبعة الإلكترونية، 2014، ص 41) كما يلي:
“ان تعليمات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي رقم 1 لسنة 2008، المادة 9، الفقرة ب حول الاعتمادات المصرفية، سمحت للمجهز الاجنبي التأمين على البضائع خارج العراق على أساس الكلفة والتأمين والشحن (CIF) وهذه، رغم ما يقال في تبريرها، نقمة وليس نعمة، ولم تكن فضلاً للتاجر والمؤمن العراقي وانما شراً وسلباً لحقوق شركات التأمين العراقية وتسريباً لمبالغ مالية كبيرة (اقساط التأمين) وحرمان شركات التأمين العراقية منها. إن أحد أسباب ضعف قطاع التأمين العراقي وتطوره البطيء هو هذه التعليمات وبعض أحكام قانون التأمين لسنة 2005.” [الكتاب متوفر لدي لمن يرغب الحصول على نسخة منه]
وذكرتها أيضاً غرفة تجارة بغداد في موقعها في مقالة بعنوان “قطاع التأمين في العراق وافق تطوير شركات التامين الخاصة” كالآتي:
http://www.baghdadchamber.com/modules.php?name=News&file=article&sid=13097
“وهناك ما يقال عن ممانعة واعتراض شركات التامين الخاصة من دخول الشركات الاجنبية المستثمرة وهذا غير صحيح لكننا نعارض ما قد يحصل من هذه الشركات من الاستحواذ على الموارد المالية المتمثلة باقساط التامين وتسربها للخارج ومثال على ذلك ان تعليمات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي رقم (1) لسنة 2008 المادة 9 الفقرة ب الاعتمادات المصرفية سمحت للمجهز البائع الاجنبي التامين على البضائع خارج العراق من قبل شركات التامين الاجنبية .. كما اشارت هذه التعليمات الى (في حالة كون التامين مغطى من قبل المشتري ووجود ضرر او فقدان في ارسالية مستلمة حيث يصار الى اصدار كشف اختلاف اصولي واشعار شركة التامين الوطنية بذلك .. انما [إن ما] ورد في التعليمات يؤدي الى تسرب مبالغ مالية كبيرة) اقساط التامين (خارج العراق وحرمان شركات التامين العامة والخاصة من هذه الموارد مع تأكيدنا على ان شركات التامين الخاصة في العراق عديدة وان لا يتحدد الضرر او الفقدان بمفاتحة شركة محددة كما جاء في الفقرة (ج) من المادة تاسعا وانما تفاتح الشركة التي غطت الخطر.”
يبدو لي، لذلك، أن هناك إجماع على الضرر اللاحق بشركات التأمين العراقية، العامة والخاصة، بسبب إجراء التأمين على الاستيرادات بموجب شرط التجارة الدولي سي آي إف CIF
(2) يمتد أثر المادة 7 من قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية، الصادر في تموز 1950، إلى حصر جميع معاملات التأمين التي تجريها دوائر الحكومة والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية لدى هذه الشركة. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا ما زالت هذه المادة نافذة.
إن نفاذ هذه المادة يحرم شركات التأمين الخاصة من فرصة تقديم خدماتها التأمينية لدوائر الحكومة والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية. وهو موضوع تشكوا منه شركات التأمين الخاصة.
من سوءات الاحتلال الأمريكي للعراق، وخلافاً لبروتوكولات جنيف، أنه صاغ أمراً برقم 10 (قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005) دون أن ينتبه إلى وجود هذه المادة، ودون إبطال قوانين التأمين السابقة، أو الإقرار بأن كل ما يتعارض مع أحكام الأمر 10 يكون باطلاً.
لقد خلق هذا الأمر وضعاً شاذاً. فالمادة 81، ثالثاً، من الأمر رقم 10 ينص على الآتي: “يجري التأمين على الأموال العامة والاخطار التي ترغب الوزارات أو دوائر الدولة في التأمين ضدها بالمناقصة العلنية وفقاً لأحكام القانون، ولجميع المؤمنين المجازين في العراق حق الاشتراك فيها.”
دوائر الدولة والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية لا تلتزم بهذه المادة. وربما حجتها في ذلك ما ورد في المادة 7 من قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية
لن أطيل على القراء وأحيلهم إلى فصل “المادة 81 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10): المدخل لتغيير القانون” في كتابي (قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية، بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014، ص171-182) [لمن لا يستطيع الحصول على الكتاب مباشرة من شركة التأمين الوطنية، أستطيع توفير نسخة إلكترونية منه له/لها]
واختتم بالاتفاق مع الأستاذ فاروق يونس “بأن القانون يُلغى بقانون وليس بتعليمات من أية وزارة كانت.” وهو ما أوضحته في كتابي (قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005) إذ ذكرتُ الآتي:
“لقد وفرَّ قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 الغطاء القانوني للتأمين خارج العراق لدى شركات تأمين أجنبية غير مسجلة في العراق وغير مرخصة. وعدا ذلك فإن القانون يتعارض مع أحكام الدستور الدائم، فقد أكدت المادة 130 من الدستور حول نفاذ القوانين القائمة على الآتي:
“تبقى التشريعات النافذة معمولاً بها، ما لم تُلغَ أو تُعدّلَ، وفقاً لأحكام هذا الدستور.”
وبالنسبة لبعض الآثار الاقتصادية للأمر رقم 10 فقد أوجزتها في ص 177-181 من الكتاب.
أشكر الأستاذ فاروق لإثارته هذه المفارقة. وأشكر د. مدحت القريشي لإشارته لتوجيهات وزارة التخطيط.
2 تشرين الأول 2015
كامل العضاض
نشر 29 سبتمبر، 2015 فى 7:45 مساءً
عزيزي د. كامل
أشكرك على شهادتك تجاه الكتاب وتجاه زميلنا وصديقنا مدحت القريشي. لقد كنت دائماً خير مشجع لي للكتابة والنشر مثلما كان د. مدحت، وله فضل تعريفي بشبكة الاقتصاديين العراقيين التي احتضنت كتاباتي التأمينية. آمل أن يتوفر لك الوقت لقراءة الكتاب بمنهجك النقدي لكي نستفيد جميعاً منها.
مع خالص التقدير.
استاذى العزيز الدكتور مدحت القريشى
لفت نظرى ما جاء فى الكتاب بان توجيهات وزارة التخطيط والتعاون الانمائى لم تنص على اجراء التامين بموجب عقد البيع على اساس التكلفة والشحن C&Fبل تنص على التكلفة والتامين والشحن C.I.Fوهذا معناه ان المشترى العراقى يترك نشاط التامين للمجهز
لدى الرجوع الى تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم 1 لسنة 2005 وجدت مايلى :
( الاشارة الى نوع البيع التجارى بموجب شروط التجارة الدولية Incoterms الذى يشترط ان يحدد على اساس
F.OB/C.I.F/C.F.R / C.I.P
او غيرها حسب شروط العقد
هذا مع العلم ان المادة 7 من قانون تاسيس شركة التامين الوطنية تقضى بحصر اعمال التامين على استيرادات دوائر الدولة لدى الشركة المذكورة
فهل تم الغاء هذه المادة ؟ علما بان القانون يلغى بقانون وليس بتعليمات من اية وزارة كانت
ارجو ان يتوضح الامر
مع خالص شكرى وتقديرى
عودنا الصديق والزميل أستاذ مصباح كمال على الإرتشاف من كتاباته المنيرة والمعمقة حول قطاع التأمين في العراق، ومن مناظير متعددة، مضيفا في كل وقت كشفا معرفيا باهرا. وكتابه الجديد سوف يمثل دفقا آخر لمساهماته الأصيلة في هذا الموضوع. ويتميز هذا الكتاب بمقدمة ضافية ومنصفة وودودة وعلمية من قبل صديقنا المشترك د. مدحت القريشي، وهو إقتصادي متمكن، واستاذ جامعي متمرس. لقد إستمتعت فعلا في قراءة هذه المقدمة والتي رغم جزالتها لا تغني عن الكتاب نفسه. وها نحن نتطلع لقرائة الكتاب عند نشره. أرجو للصديق مصباح النجاح والتوفيق في مساهماته البارزة في هذا المجال. وأوجه شكري لصديقي العزيز دكتور مدحت لعلمه وتواضعه أيضا.