مقدمة
إن تأمين خسارة الأرباح Loss of Profit)) الذي يطلق عليه أيضا تأمين الخسائر التبعية Consequential Loss)) أو اضطراب العمل Business Interruption)) ينصب على تأمين الخسائر المالية التبعية غير الملموسة، الناتجة عن تداعيات حادث حريق أو أي خطر آخر مؤمن منه يغطي الأضرار المادية، إذا تحقق سيؤدي بالإضافة إلى الأضرار المادية للممتلكات، توقف أو اضطراب العمل، صناعيًا أو تجاريًا أو خدميًا، وهذا التوقف أو اضطراب العمل سينتج عنه خسائر تتمثل في استمرار تكبد ما يطلق عليه بالمصاريف الثابتة (Standing Charges) بنفس الكمية قبل الحادث أو بنسبة أعلى من نسبة الانخفاض في رقم المبيعات (Turnover). لا شك إن هذه الحالة ستؤدي حتما إلى انخفاض الربح أوفي أغلب الأحيان تؤدي إلى خسائر. وتلافيا لذلك يتم التأمين على الحساب الذي يتكون من هذه المفردات ألا وهو “الربح الإجمالي”.
إذن ما هو الربح الإجمالي؟
أثناء عرض مسودة مقالتي “خسارة الأرباح – نظرة عامة” على الأستاذ مصباح كمال للمراجعة أعلمني بأن هناك رأي يفرق بين تعريف الربح الإجمالي محاسبيا والربح الإجمالي الذي يؤمن عليه في تأمين خسارة الأرباح، وأرسل لي معلومة منشورة بهذا المعنى باللغة الإنكليزية يقول فيها متبني هذا الرأي:
The difference in definition between Accounting Gross Profit and Insurable Gross Profit occurs most often in manufacturing risks.
The cost accountant is trying to determine the exact cost of goods sold.
All the costs of manufacture such as direct materials, direct labour, and factory overheads are captured and deducted from sales turnover to arrive at accounting gross profit.
ونترجمه كالآتي:
إن الاختلاف في تعريف الربح الإجمالي المحاسبي والربح الإجمالي القابل للتأمين، يحدث في أغلب الأحيان في تأمين أخطار المصانع.
فمحاسب الكلفة يحاول الوصول إلى الكلفة الكلية للبضائع المباعة.
كل كلف الإنتاج كالمواد المباشرة (المواد الأولية) وأجور العمل المباشرة ومصاريف المصنع Factory Overheads، كل هذه المصاريف كحزمة واحدة تطرح من رقم المبيعات للوصول إلى الربح الإجمالي المحاسبي.
يتضح من هذه المعلومة أنها تمثل وجهة نظر محاسب الكلفة (Cost Accountant)، وظيفته الوصول إلى الكلفة النهائية للمنتج لغرض تحديد سعر البيع بعد إضافة هامش الربح، وهامش الربح هذا يمثل الربح الصافي بالمفهوم المحاسبي وليس الربح الإجمالي كما سماه كاتب المعلومة، عندما أشار إلى أن
كامل كلفة الإنتاج كالمواد المباشرة (المواد الأولية) وأجور العمل المباشرة ومصاريف المصنع Factory Overheads (المصاريف الثابتة)، يطلق عليها بالإنكليزية محاسبيا fixed cost وتأمينيًا standing charges كل هذه المصاريف كحزمة واحدة تطرح من رقم المبيعات للوصول إلى الربح الإجمالي المحاسبي.
هذا غير صحيح لأن الناتج هو الربح الصافي كما تشير إلى ذلك مبادئ المحاسبة.
فإذا كان تعريف الربح الإجمالي كما جاء في المعلومة (نصها أعلاه) فماذا سيكون تعريف الربح الصافي؟
إن الربح الإجمالي يعرّف تأمينيا استنادا إلى مبادئ المحاسبة العامة وكما يظهر في الحسابات الختامية لكل مشروع كالآتي:
الربح الإجمالي ((Gross Profit هو:
العائد الإجمالي (Gross Revenue) أي رقم المبيعات ناقصا كلفة البضاعة المباعة وهي الكلف المباشرة اللازمة لإنتاج البضاعة المباعة كالمواد الأولية، أجور العمل المباشرة، النقل وعمولات البيع، و(ليس من ضمنها المصاريف الأخرى اللازمة لإدارة العمل كالإيجار والتأمين والتي يطلق عليها المصاريف غير المباشرة (Overhead Expenses).
وباختصار، فإن الربح الإجمالي = المبيعات ــ كلفة البضاعة المباعة.
أما تعريف الربح الإجمالي المعتمد في تأمين خسارة الأرباح فهناك تعريفين:
الأول – معتمد منذ سنة 1939 عند بدء اعتماد وثيقة تأمين خسارة الأرباح الحالية التي تستند إلى رقم المبيعات كقاعدة أساسية لتنظيم هذا النوع من التأمين وهو:
“الربح الصافي + المصاريف الثابتة”
والثاني – في أواخر خمسينيات القرن الماضي تم اعتماد طريقة أسهل للوصول إلى الربح الإجمالي وهي:
“رقم المبيعات ــ المصاريف المتغيرة”.
هذا وإن الطريقتين تؤديان إلى نتيجة واحدة، فكلتيهما عمليا مستخدمتين في الوصول إلى الربح الإجمالي لغرض تأمين خسارة الأرباح، وكذلك عند احتساب التعويض. ولدقة احتساب مبلغ الربح الإجمالي يعرفان تأمينيا:
أ– في حالة التأمين على كامل الربح الإجمالي:
الربح الإجمالي = مبلغ رقم المبيعات ومبلغ بضاعة آخر المدة والتي تحت الإنتاج ــ (يطرح منه) مبلغ بضاعة أول المدة والبضاعة تحت الإنتاج.
ملاحظة: مبلغ بضاعة أول المدة وآخر المدة والبضاعة تحت الإنتاج يتم الوصول إليهما وفقا للمفاهيم المحاسبية الاعتيادية المعتمدة في سجلات المؤمن له، مع الأخذ بنظر الاعتبار احتياطي الاندثار.
ب- في حالة التأمين على جزء من الربح الإجمالي:
الربح الإجمالي = المبلغ الناتج عن إضافة مبلغ المصاريف الثابتة المؤمنة إلى الربح الصافي. وفي حالة عدم وجود ربح صافي بل هناك خسارة يكون تعريفه كالآتي:
الربح الإجمالي = المصاريف الثابتة المؤمنة يطرح منها المبلغ الذي يساوي نسبة مبلغ المصاريف الثابتة المؤمنة إلى المصاريف الثابتة المؤمنة وغير المؤمنة من مبلغ الخسارة.
مثال:
المصاريف الثابتة المؤمنة: 000 240
المصاريف الثابتة المؤمنة وغير المؤمنة: 000 300
مبلغ الخسارة: 000 50
المصاريف الثابتة المؤمنة 000 240 4
النسبة = ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = ــــــــــــــ
المصاريف الثابتة المؤمن وغير المؤمنة 000 300 5
4
إذن، حصة المصاريف الثابتة المؤمنة من الخسارة = 000 50 × ــــــــــــــــــ = 000 40
5
الربح الإجمالي =
المصاريف الثابتة المؤمنة 000 240 (ـــ) المتبقي من الخسارة 000 40 = 000 200
عند تفحص هذه التعاريف نجد أن التعريف الأول الذي جاء في المعلومة المذكورة في بداية هذه الورقة ينطبق على الربح الصافي net profit وليس الربح الإجمالي.
نعم، هناك اختلاف بين التعريف الذي يأخذ بنظر الاعتبار بضاعة أول وآخر المدة وبين التعريف الذي لا يتطرق إلى البضائع (أول وآخر المدة)، وهذا الأخير لن تكون نتائجه دقيقة لأن بضاعة أول وآخر المدة هما من الموجودات حكمهما حكم البضاعة.
وأعتقد أن التعريف التالي المعتمد في تأمين خسارة الأرباح هو الأكثر دقة من الناحية العملية.
“GROSS PROFIT: the amount by which:[1]
- the sum of the turnover and the amount of the closing stock and work in progress
shall exceed
- the sum of the amount of the opening stock and work in progress and the amount of the uninsured working expenses.[2]
Note: The amounts of the opening and closing stocks and work in progress shall be arrived at in accordance with the Insured’s normal accountancy methods, due provision being made for depreciation.”
بالمعنى العام، فإن الربح الإجمالي هو رقم المبيعات + بضاعة آخر المدة والتي تحت الإنتاج (ناقصا) بضاعة أول المدة والتي تحت الإنتاج (النصف مصنعة) ومصاريف العمل غير المؤمنة أو ما يطلق عليها أيضا (بالمصاريف الثابتة) وهي البضائع المباشرة كالمواد الأولية، أجور العمل المباشرة، النقل وعمولات البيع، وليس من ضمنها المصاريف الأخرى اللازمة لإدارة العمل كالإيجار والتأمين والتي يطلق عليها المصاريف غير المباشرة Overhead expenses
مع ملاحظة أن مبلغ بضاعة أول وآخر المدة يتم التوصل إليهما وفقا للطرق المحاسبية التي يعتمدها المؤمن له.
الخاتمة
نظرًا لطبيعة هذا النوع من التأمين الذي يعتمد الأرقام السابقة والمتوقع أن تتحقق لاحقا في حالة عدم تحقق الحادث، لا خشية إن حدثت بعض الفروقات في الناحية التطبيقية وتطور العمل عند حدوث تعويض حيث يمكن تلافي هذه الفروقات، لأن التعاريف المتعلقة باحتساب التعويض الواردة في الوثيقة، كنسبة الربح الإجمالي، رقم المبيعات السنوي، رقم المبيعات القياسي وغيرها، ليست ثابتة بل خاضعة لأي تعديل أو تسوية ضرورية من شأنها أن تؤدي إلى التوافق مع اتجاهات العمل بمختلف مراحله قبل أو بعد الحادث على أن تعبر وبشكل معقول عن نتائج العمل الصحيحة جهد الإمكان لو لم يتحقق الحادث.
(*) خبير في قضايا التأمين
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الإشارة إلى المصدر. 30 آب (أغسطس) 2020
[1] Denis Riley, Consequential Loss-insurances & claims, (London: Sweet & Maxwell, 1977), fourth edition, para. 416.
[2] مصاريف العمل غير المؤمنة هي الكلف المباشرة اللازمة لإنتاج البضاعة المباعة كالمواد الأولية، أجور العمل المباشرة، النقل وعمولات البيع، و(ليس من ضمنها المصاريف الأخرى اللازمة لإدارة العمل كالإيجار والتأمين والتي يطلق عليها بالمصاريف غير المباشرة Overhead Expenses).
لتحميل المقال كملف بي دي أف اتقر على الرابط التالي
الربح الإجمالي بين المحاسبة والتأمين-3 (2)
ملاحظة حول “الربح الإجمالي بين المحاسبة والتأمين”
لا نقرأ الكثير عن تأمين خسارة الأرباح، ويكاد الزميل منعم الخفاجي أن يكون الأبرز بين من يكتب عن موضوع هذا التأمين إن لم يكن الوحيد في العراق. فقد نشر في موقع الشبكة دراسته المعنونة (خسارة الأرباح – نظرة عامة)، وتأتي مقالته الحالية للرد على رأي يقول بوجود فرق بين الربح الإجمالي من المنظور المحاسبي والربح الإجمالي من المنظور التأميني. ومن رأيه أن لا فرق بين المنظورين، كما حاول التدليل عليه في مقالته.
إن دينس رايلي، مؤلف الكتاب المرجعي في تأمين خسارة الأرباح والذي يعتمد عليه الزميل الخفاجي، نبّه إلى وجود فرق بين المقترب المحاسبي والتأميني في الطبعة الأولى من كتابه الصادر سنة 1956، وأعاد ذكره في طبعات لاحقة ومنه الطبعة الرابعة التي أشار إليه زميلنا.* ففي الفقرة 65 من الكتاب (الفقرة 62 في الطبعة الأولى) يقول رايلي:
“The meaning of gross profit as defined in the specification may differ very materially from the gross profit brought down in an insured’s trading accounts. This will become clear from Chapter 5 on Standing Charges and Variable Expenses, in which it will be explained that the charges that are selected as components of gross profit for insurance purposes may exclude some items which are included in the gross profit of the accounts or, on the other hand, include some charges from the proceedings of manufacturing account or section of the trading account. It is essential, therefore, for accountants especially to keep in mind that for insurance purposes gross profit has a different connotation from that with which they are familiar through daily use of expressions.”
ويمكن ترجمتها كما يلي:
“قد يختلف معنى الربح الإجمالي gross profit كما هو محدد في المواصفات [قائمة الفقرات المؤمن عليها كالمصاريف الثابتة، أو الأجور وغيرها] specification اختلافًا ماديًا جدًا عن الربح الإجمالي في حسابات المتاجرة trading accounts. سيصبح هذا واضحًا في الفصل الخامس المتعلق بالمصاريف الثابتة Standing Charges والمصاريف المتغيرة Variable Expenses، حيث سيتم توضيح أن المصاريف التي تم اختيارها كمكونات للربح الإجمالي لأغراض التأمين قد تستبعد بعض البنود التي تم تضمينها في الربح الإجمالي للحسابات أو، من ناحية أخرى، تضم بعض المصاريف من عائدات proceedings حساب التصنيع أو قسم من حساب المتاجرة. لذلك، من الضروري للمحاسبين أن يضعوا في اعتبارهم بشكل خاص أن الربح الإجمالي لأغراض التأمين له دلالة مختلفة عن تلك التي يعرفونها من خلال الاستخدام اليومي للتعبيرات.”
وقد كان الموضوع معروضًا للنقاش قبل سنوات من قبل المعهد القانوني لمسوّي الخسائر البريطاني Chartered Institute of Loss Adjusters، كما كان موضوعًا للنقاش من قبل جمعية وسطاء التأمين البريطانيةBritish Insurance Brokers’ Association حيث جرى التأكيد على اختلاف الفهم للمصطلحات المستخدمة بين شركات التأمين والمؤمن لهم.
ربما يستحق الموضوع مراجعة أخرى ومساهمة من أهل الاختصاص ومنهم المحاسبين.
آمل أن تحفّز كتابات زميلنا منعم الخفاجي إدارات الشركات العامة والخاصة التفكير الجدي بالتأمين على خسارة الأرباح/توقف الأعمال بسبب حادث حريق أو غيره.
مصباح كمال
1 أيلول 2020