أولاً: مقدمــة
لقد أظهر وباء كورونا Covid-19 شِدة مقيدات السياسات والإجراءات المتبعة في تمويل نفقات الموازنة العامة والنموذج الاقتصادي النظري paradigm الذي يعتمد عليه، والذي لا زال، بجزء منه، متأثراً، تقليديا نوعما، باقتصاد جانب-العرض supply-side economics وأفضلية السياسات النقدية على السياسات المالية في مواجهة التضخم، في العديد من الدول المتقدمة وبعض الدول الصاعدة/النامية. فإلى زمن قريب، وكذلك لحد الآن، في العديد من تطبيقات السياسات المتأثرة بهذا النموذج وغيره، لازال الاهتمام ينصرف إلى تجنب نمو الدين العام public debt، الذي يترتب عادة على تمويل الموازنة العامة بالعجز، فوق حد معين. حتى أن هناك قانون في الولايات المتحدة يمنع تخطي هذا الحد.
غير أن فقدان العمل والأعمال الذي ترتب على الوباء، من ناحية، والنمو المتفاوت للدخول والثروات في مختلف الدول، بما فيه التصاعد غير الاعتيادي لثروات اشخاص محدودي العدد جداً، كما يتبين من تقييمات الأسواق المالية، في الدول المتقدمة والصاعدة، لا سيما في الولايات المتحدة والصين، أثناء الوباء، من ناحية أخرى، في الوقت الذي يُرمى بأعداد كثيرة تحت خط الفقر، في الدول المتقدمة وأكثر منها في الدول الصاعدة/النامية، خفف بدرجة ملموسة بعض من المقيدات والإجراءات حول التمويل بالعجز. لذلك توسع العديد من الدول المتقدمة للتمويل بالعجز (طبع/خلق النقود) لبرامج أسناد الدخول والإنعاش الاقتصادي في ميزانياتها العامة كالولايات المتحدة وكندا وبريطانيا ودول أوربية وغير أوربية أخرى، وأمتد لدول صاعدة وأخرى نامية، وشمل حتى العراق. في هذا السياق يأتي نقاش هذا النوع من التمويل والذي يُعتقد، ضمن النموذج الاقتصادي النظري الذي لا زال مؤثراً، أن من غير الممكن استدامته في الأمد الطويل في ظل عبء خدمة المديونية العامة المتنامية الذي تترتب عليه.
في المقابل، تساند المقولات الكينزية، عموماً، وكذلك مقولات ما يسمى: “النظرية النقدية الحديثةModern Monetary (or Money) Theory, MMT “، كلاهما بشروط محددة، هذا النوع من التمويل. وبالرغم من أن مقولات “النظرية النقدية الحديثة” تشكلت خلال الخمس والعشرين سنة الماضية إلا أن نقاشها توسع مؤخراً لا سيما أثناء فترة الوباء، في ظل الحاجة لتمويل برامج الأسناد الاجتماعي والإنعاش الاقتصادي، لأن تمويل الموازنة العامة من خلال اصدار النقود هو واحد من أهم أعمدة هذه النظرية وهي بذلك تعارض النموذج الاقتصادي النظري المؤثر المذكور آنفاً. ومن الجدير ذكره ان العديد من مقولات هذه النظرية يتوافق مع المقولات الكينزية في التحليل والسياسات الاقتصادية حتى أن بعض الاقتصاديين يعتبرها أحد فروع النظرية الكينزية. في ظل هذه الخلفية أُعِدت هذه الورقة الاستطلاعية لبيان أوليات هذه النظرية وبعض من مقولاتها وتبعاتها والانتقادات الموجهة لها.
ومن ضمن هذا السياق سأشير إلى حالتين طُبِقت فيها سياسة طبع/خلق النقود لتمويل عجز الموازنة العامة في العراق واسبابها وما أدت أليه من نتائج وتبعات.
لمواصلة القراءة يرجى تحميل ملف ب د ف سهل القراءة والطباعة على الرابط التالي:
(*) باحث وكاتب اقتصادي.
حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بإعادة النشر بشرط الإشارة إلى المصدر. تموز/يوليو 2021.
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية