أبحاث نظرية في الفكر والتاريخ الإقتصاديالرئيسية

د. مظهر محمد صالح *: الفقر والسعادة: تأملات في الاقتصاد السلوكي

-تمهيد:

نظرتُ اليها وهي تعبث في حاوية القمامة قرب منزلنا وانا اطالعها بوجه وديع وخاطبتها: لماذا تخوضين غمار معركة قاسية مع هذه النفايات وانت تجشمين نفسك هذه العذابات في البحث عن اللاشيء يابنيتي.؟ ارتسمت ابتسامة على شفتيها وارتاحت الى اسرار غريزتها وتنهدت من الاعماق حزناً،واجابت : من يتحمل مرارة الصبر في ملازمة غرفة الصفيح التي نعيش فيها نحن الايتام الستة.فخروجي من ذلك المهجع البائس ايها العم هي الفرصة الاخيرة في البحث عن الامل بالعيش!. تنهدت الفتاة ولم استمع تتمة لعباراتها المتلاحقة لانها غمغمت وكأنما كانت تريد ان تسمعني بان الحياة تعاندها وتسحق آمالها وتكيد لها ببخلها وجفافها.ثم استدارت على عقبيها لتعود من حيث اتت وهي تقاسي يومها دون ان يستقبلها غد واعد.ولم تكن هي مستعدة لمثل هذا اللقاء المحزن الذي داهمها في حوار الجوع حول حاوية الازبال ، في حين ظلت تجمع القمامة من مختلف الحاويات وهي تنادي قواها المبعثرة من اجل العيش والبقاء من دون ان يولد لديها شيء من الارتباك او الذهول!.رجعت حزينا الى مكتبتي وانا اقلب كتاباً اشتريته في الاسابيع الماضية من مخزن لبيع الكتب في مطار لندن اثناء عودتي الى بلدي، وعنوانه:علم الاقتصاد  Economics تكوين المعنى في الاقتصاد الحديث  making sense of the modern economy لمؤلفه ريتشارد ديفيز RICHARD DAVIES -2015 والذي فاجأني في الامر وانا اقرأ مقدمة ذلك الكتاب الذي تناول في واحدة من جوانبه موضوعاً فرعيا عنوانه :الاقتصادات في ازمة! فقلت في سري لقد كثرت الازمات ولكن ماهو أشدها في هذه المقدمة؟وجدت ان الموضوع يتحدث عن ندرة الدخل في العالم. اذ يشير الكاتب في تلك الصفحات الى ان عدد سكان العالم قد تخطى اليوم7,7 مليار نسمة اليوم وان حصة الفرد من الدخل العالمي (البالغ حاليا بنحو 94  ترليون دولار) يفترض فيها انها قاربت 11الف دولار سنويا (اذا ما جرى توزيعها بالتساوي بين سكان العالم). ولكن للاسف مازال هنالك واحد من كل سبعة اشخاص في الارض يعيش في فقر مدقع وان ما يحصل عليه من دخل سنوي لايتعدى450 دولاراً وهم قرابة مليار نسمة. توقفت من فوري متذكراً بحزن تلك الفتاة، لتفاجئني عبارة كانت اشد حزنا في ذلك الكتاب ويقول فيها الكاتب ريتشارد ديفيز:ان مقدار ما ترميه الاسر في البلدان المتقدمة من غذاء في حاويات القمامة يعادل 222مليون طن سنوياً وهي موارد تعادل من حيث القيمة قرابة 400 مليون دولار،واذا ما وزعت اقيام تلك النفايات بين اشد الناس فقرا في العالم فانها ستضعهم على خط الفقر النسبي بدلا من الفقر المدقع. ختاما،عرفت ان ريتشارد ديفيز قد خاطب تلك الفتاة الفقيرة في بلادي ليبعث اليها باشارة فكرية محزنة بان العالم مازال يعج في اللامساواة في توزيع الدخل والدليل هو ما تبحثين عنه في حاوية القمامة .!!

لمواصلة القراءة انقر على الرابط التالي

د. مظهر محمد صالح – الفقر والسعادة- تأملات في الاقتصاد السلوكي

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (1)

  1. Avatar
    د. أحمد البدري:

    عاشت الايادي دكتور على هذه المعلومات القيمة دائما تتحفنا بما هو جديد

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: