د. سهام يوسف
في عالمٍ تتسارع فيه التحوّلات كما لو كانت تسير بسرعة الضوء، لم تعد الوظائف تُخلق في المعامل والمصانع فقط، بل في المختبرات الرقمية، وفي فضاءات الذكاء الاصطناعي، والبرمجيات، وتحليل البيانات، والطاقة الخضراء. لقد أصبحت الصناعات التكنولوجية والرقمية القاطرة الحقيقية للتشغيل في القرن الحادي والعشرين، وهي التي تحدد مَن يتقدّم ومَن يتأخر، ومَن يصدّر المعرفة ومَن يستهلكه.
تشير بيانات البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية (ILO) إلى أن نمو الوظائف التقليدية في الزراعة والصناعة الثقيلة قد تراجع مقارنة بالقطاعات الحديثة والمتقدمة تقنيًا (World Bank, 2024, pp. 6 7; ILO, 2021, pp. 89 90) ويعزى ذلك إلى الأتمتة والميكنة، وانخفاض الطلب العالمي على اليد العاملة في القطاعات كثيفة العمالة، وزيادة إنتاجية الفرد الواحد. على سبيل المثال، في بعض الدول الصناعية، انخفض عدد العاملين في الزراعة بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، بينما زاد إنتاج القطاع نفسه نتيجة التقدم التكنولوجي (ILO, 2021, pp. 89 90).
في المقابل، يتركز النمو في الوظائف الجديدة على المهارات الرقمية والمعرفية، خصوصًا في مجالات البرمجيات، الخدمات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، التحليل المالي الرقمي، والتجارة الإلكترونية
(World Bank, 2024, pp. 6 7) ويؤكد كل من البنك الدولي و ILOأن أغلب هذه الوظائف عالية الأجور ومستدامة، وتتطلب مهارات تقنية ومعرفية، وليس مجرد العمل اليدوي التقليدي (World Bank, 2024, pp. 6 7; ILO, 2021, pp. 89 90). وبذلك، نشهد تحولًا واضحًا في هيكل سوق العمل العالمي، من الوظائف التقليدية كثيفة اليد العاملة إلى وظائف قائمة على المعرفة والتكنولوجيا الحديثة .
لمواصلة القراءة الرجاء الضغط على الرابط التالي:
الدكتورة سهام يوسف الإقتصاد الرقمي في العراق من الريع النفطي إلى فرص العمل المستدامة
دكتوراه في الاقتصاد الدولي، المدرسة العليا للإحصاء والتخطيط، وارشو، بولندا. تقيم حالياً في المغرب
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية