في ظل الظروف السياسية والامنية والاقتصادية التي يعيشها بلدنا حاليا ً وصحوة الشعب العراقي العظيم وإنطلاق (ثورة الاصلاح) بمطالبته بأجتثاث الفساد والمفسدين ونبذ المحاصصة والطائفية والارهاب .
وإعادة النظر بالهيكل الحكومي بهدف ترشيق الدولة وتعزيز قدراتها بما يحقق الهدف المركزي للدولة الديمقراطية ( الشعب مصدر السلطات )وتعبئة قدرات الدولة ومواردها في خدمة المجتمع بما يساهم في تحقيق رفاهيته .
وبما أن الاصلاحات الاقتصادية تشكل الاساس في تحقيق ما ورد أعلاه .
لا بد من القول ان الواقع الاقتصادي المضطرب والازمة المالية التي يمر لها العراق بدأت تؤثر تأثيرا ً واضحا على عرقلة تنفيذ خطط الحكومة والقطاع الخاص في التنمية الاقتصادية اضافة الى الفشل الواضح في خلق موارد اقتصادية جديدة وضعف التخطيط الاقتصادي وعدم التنسيق بين السياستين المالية والنقدية واستمرار العجز من سنة الى اخرى في الموازنات العامة بسبب الهدر في الاحتياطات النقدية الفائضة من تصدير النفط خلال السنوات السابقة وعدم وجود صندوق سيادي أسوة بالدول النفطية الاخرى .
كذلك أرتباك الرؤية الاقتصادية المرتبطة بالخلفيات وبواقع الاقتصاد العراقي الريعي وهجرة رؤوس الاموال الوطنية الى الخارج الامر الذي ادى الى ضبابية الرؤية والرؤى والافكار المطروحة سابقا ً لادارة الاقتصاد العراقي . اذن نحن بحاجة الى وضع الاسس والسياقات والقوانين التي تخدم إعادة بناء الاقتصاد وفق نظرة ثاقبة جديدة تعتمد امكانات الدولة والقطاع الخاص وبشكل خاص القطاع المصرفي ورسم خارطة طريق مرحلية واستراتيجية .
أن مطالبة الشعب بالاصلاحات الاقتصادية يأتي بسبب معاناته القاسية بكافة فئاته ومكوناته من تحمله عدم توفر سبل العيش الشريف وضعف الخدمات والبطالة والفقر حيث ارتفعت نسبة البطالة الى اكثر من 25 % بين الفئات الشبابية والخريجين القادرين على العمل كما ارتفعت نسبة الفقر حسب البيانات الرسمية لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية الى 31%
مما انعكس ذلك على تدهور الوضع الاقتصادي يضاف اليه الاسباب الموضوعية ذات العلاقة بالمجال الاقتصادي وهو هبوط اسعار النفط في الاسواق العالمية والهدر في اموال الشعب بسبب عدم المصادقة على موازنة عام 2014 وعدم صدور الحسابات الختامية للسنوات السابقة والتلاعب في المال العام مضافا ً على ذلك مصاريف الحرب على الارهاب التي تحملها الشعب من خلال توقف المشاريع الاستثمارية في القطاع الحكومي والخاص ,الأمر الذي أدى ذلك الى أنتشار الفساد الاداري في حصول الشباب على فرصهم الشرعية في إيجاد عمل ومصدر رزق لهم ولعوائلهم .
أما الطامة الكبرى التي كانت أحد نتائج ما ورد أعلاه هو أزمة السيولة التي يعاني منها العراق وبشكل خاص المصارف الحكومية والخاصة والتي يبلغ عددها 55 مصرف بضمنها فروع المصارف العربية والاجنبية العاملة بالعراق .
بسبب أنخفاض الودائع وارتفاع الديون المتأخرة التسديد بنسب أعلى من المقرر في المعايير المحاسبية القياسية مما أدى وسيؤدي الى أنهياروإفلاس بعض المصارف مما سيخلق عدم الثقة بين المواطن والجهاز المصرفي .
وهو ما يحصل حاليا ً في بعض المصارف عندما لا تستطيع من الايفاء بالتزاماتها تجاه الزبون وبما أن القطاع المصرفي العراقي هو أصلا يعاني من مشاكل عديدة ومنذ عام 2003 لأسباب ذاتية وموضوعية . فأن إنتفاضة الشعب في (ثورة الاصلاح) والحزمة الاولى من الاصلاحات التي أعلنها السيد رئيس مجلس الوزراء وصادق عليها مجلس النواب العراقي تستدعي أن تأخذ بنظر الاعتبار وضع الاسس والاساليب الجديدة للاصلاح الاقتصادي على أن تبدأ بالاصلاح المصرفي لانه بدون قطاع مصرفي سليم لا يمكن بناء اقتصاد وطني سليم : لذلك نقترح على السيد / رئيس مجلس الوزراء د. حيدر العبادي إتخاذ الاجراءات الاصلاحية الفورية في إصلاح القطاع المصرفي وكما يأتي :
تشكيل فريق عمل متخصص يرتبط بالامانة العامة لمجلس الوزراء برئاسة السيد مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وعضوية ممثلين مختصين وخبراء من :
- البنك المركزي العراقي
- وزارة المالية
- رابطة المصارف الخاصة العراقية
- خبراء اقتصاديين ومصرفيين يختارهم السيد رئيس الفريق لا يزيد عددهم عن (4) خبراء
يتولى الفريق دراسة ومناقشة الاجراءات التنفيذية للاصلاح المصرفي كخطوة اولى للاصلاحات الاقتصادية التي أقرها مجلس الوزراء وصادق عليها مجلس النواب وكما يأتي :
1- تعديل القوانين التي تنظم العمل المصرفي وهي قانون المصارف (94 لسنة 2004) وقانون البنك المركزي (56لسنة 2004) وقانون سوق العراق للاوراق المالية (74 لسنة 2004) وقانون غسل الاموال (93 لسنة 2004 ) وقانون الاستثمار وتعديلاته (13 لسنة 2006) وقانون الشركات (21 لسنة 1997 ).
2- إعتماد سياسة نقدية مالية جديدة تؤدي الى اصلاح شامل وإعادة هيكلة القطاع المصرفي الحكومي والخاص .
3- وضع السياقات والاليات للتنسيق بين السياستين المالية والتنفيذية .
4- تفعيل وتنشيط الاشراف والرقابة الاستباقية والرقابة الالكترونية على المصارف وفق اعداد وإصدار تعليمات ولوائح إرشادية تنفيذية جديدة .
5- تفعيل الدور الحكومي في بناء استراتيجية لتطوير المشاريع الصغرى والصغيرة المتوسطة ووضع وبناء اليات واضخة يشترك فيها القطاع الخاص بشكل فاعل بحيث يمكن أن يتحول من تابع للقطاع الحكومي الى شريك رئيسي ومن ثم الى قائد للسوق .
6- إنشاء صناديق الاستثمار ومساهمة المصارف فيها لتمويل المشاريع الكبيرة والاستراتيجية .
7- التركيز على زيادة الائتمان والتمويل والقروض الميسرة وتفعيل توظيف الودائع في أوجه الاستثمار والاعمار ودفع مسيرة التنمية الاقتصادية.
8- تطوير تكنلوجيا المعلومات والتقنيات المصرفية الحديثة بكافة اشكالها مع التركيز على الافصاح وشفافية البيانات المالية للمصارف والزبائن .
9- وضع التعليمات والاليات التي تساهم في تطوير الموارد البشرية المصرفية وبشكل خاص حماية الخبرات او الكوادر المصرفية القيادية بأعتبارها خبرات اقتصادية وطنية بما يساهم في استقرار وتطوير العمل المصرفي
10- وضع خطة للتصدي للانهيارات المالية التي تعاني منها بعض مصارف القطاع الخاص بسبب ظروف نقص السيولة الحالية وتضررها ماليا ً وماديا ً خصوصا ً في المناطق الساخنة التي تعرضت للارهاب .
11- وضع معايير جديدة لتصنيف المصارف الخاصة وفقا ً للمعايير القياسية الدولية
12- إعادة النظر بضوابط اختيار أعضاء مجالس الادارة والمدراء المفوضين وتحديد واجبات المجلس بالتخطيط وعدم التدخل في الادارة التنفيذية للمصارف والتركيز على التخصص الاقتصادي و المصرفي والخبرة للاعضاء وتقليل عدد أعضاءه الى 5 أعضاء فقط واعتماد مستشارين وخبراء مصرفيين مختصين لرفد المجلس والادارة التنفيذية بالمشورة والخبرات .
(*) باحث وخبير مصرفي
حقوق النشر محفظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بالاقتباس واعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 19-8-2015
الاراء الواردة في كل المواد المنشورة على موقع شبكة الإقتصاديين العراقيين لاتعكش بالضرورة رأي هيئة التحرير وانما رأي كاتبها وهو يتحمل المسؤلية العلمية والقانونية
الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية