اقليم كردستان العراقالنفط والغاز والطاقةجدل اقتصاديملف جولات التراخيص وعقود الخدمة

د. كامل المهيدي: على هامش الخلافات بين المركز والاقليم

ملاحظة هيئة التحرير: لا شك ان د. كامل المهيدي يبين وجهة نظر قد يخالفه فيها الكثير. غير انه يعرض لقضايا مهمة للغاية. ان ما يجري بين حكومة اقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد بحاجة الى نقاش جدي بعيداً عن دعاوى الاتهامات والمحرمات.  ان عدم نقاشه بروية وطنية ومهنية قد يقود الى مواقف متشنجة ومتطرفة مستقبلاً. وما يدفع هيئة التحرير الى نشر المقال هو أننا لم نجد فيه اي رائحة شوفينية متطرفة وإنما وجهات نظر قابلة للنقاش المتحضر. كما ونود التوكيد على ان المقال وكما هو الحال دائماً مع بقية المقالات يمثل وجهة نظر الكاتب ولا يمثل بالضرورة وجهة نظر الشبكة وهو مفتوح للنقاش.

نص مقال د. كامل المهيدي:

أن الأزمة الأخيرة بين الحكومة المركزية وحكومة الأقليم قد بيّنت بشكل واضح أن النفط لم يعد موضوع الخلاف الأول بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان. فبعد أن نجح الأقليم في فرض ألامر الواقع بشأن النفط أنتقل الى الأرض والحدود. وما قرار رئيس الاقليم تبديل  تسمية “الاراضي المتنازع عليها” الواردة في الدستور ألى “الأراضي الكردستانية عبر الحدود” ألا خطوة أخرى في طريق فرض الأمر الواقع في هذه المناطق. وقد سبقها منح عقود نفطية  فيها ومنع الجيش العراقي من دخولها وحذف حدودهم الأدارية من الخرائط الجغرافية وأستبدالها بحدود المناطق المتنازع عليها. وعليه يخطئ من يعتقد أن القرار اعلاه كان ردة فعل على تسميتها “مناطق مختلطة” من قبل الجانب الآخر. ويخطئ من يعتقد أن الخلافات بين المركز والإقليم هي بسبب تباين الاجتهاد في تفسير المواد الدستورية. فالدستور واضح في كثير من الامور. وحتى لو لم يكن كذلك، فليس من حقهم التفرد في شرحه وتطبيقه على هواهم. غير أن الحقيقة التي لا تريد القيادات الكردية الاعتراف بها هي أن الأطار الدستوري الحالي لم يعد كافيا” لتلبية طموحاتهم القومية، رغم أنهم كانوا اللاعب الأكبر في كتابته. وان ما يحدث الآن ما هو الا أمتداد للنزاع المستمر منذ تأسيس الدولة العراقية في بداية العقد الثالث من القرن العشرين، وقد لا ينتهي حتى بعد انفصال الأقليم, كما الحال مع جنوب السودان.

لا يبدو أن أحدا” يعترض على حق الأكراد في دولة مستقلة, فهم قد نجحوا نجاحا” باهرا” في دفع العراقيين نحو الترحيب بذلك، لا بل المطالبة به. ولكن في نفس الوقت لا يبدو أن أحدا” يقبل طموحاتهم حول الأرض. وهذه مشكلة كبرى يصعب حلها على المدى المنظور. بمعنى أن بأمكان الأكراد ان يستقلوا فورا” بحدودهم الحالية، ولكن عليهم أن ينتظروا طويلا” ان أرادوا ألأستقلال بشروطهم التعجيزية حول الأرض . فالصراع الحقيقي هو حول الأرض أولا” والمياه ثانيا” ويأتي النفط ثالثا”. وما قيام الأكراد بتحديد المناطق المتنازع عليها على هواهم بدون تنسيق مع الحكومة المركزية ومن ثم أعلانها، من جانب واحد، مناطق كردستانية، ألا وصفة لصراع طويل ينبغي التصدي له بكل حزم وحكمة. ولأن الصراع الرئيس هو حول الارض والمياه فالحاجة تقتضي بناء ستراتيجية  وطنية عامة تبدأ من داخل العراق مرورا” بالمحيط الاقليمي وانتهاء” بالدول الكبرى، وتكون الستراتيجية النفطية جزء” اساسيا منها. انها مهمة كبيرة نخوض فيها كما يلي.

1-    الجبهة الداخلية

على الصعيد الداخلي هناك عدة مساحات تحتاج الى تغطية وعلاج وفقا لستراتيجية واضحة تشمل ما يلي:

1.1-         بناء جبهة وطنية رصينة على اساس المواطنة والمصلحة االمشتركة، بعيدا” عن الطائفية والعنصرية والمصالح الذاتية للطبقة السياسية الحاكمة. وهذا لن يتم الا بتفهم ما يشكوا منه الآخر ومحاولة معالجته بشكل مرض. فعلى سبيل المثال يشكو السنة العرب من التهميش والاقصاء، ويشكون من تهم وملاحقات امنية لاسباب يرونها تستهدفهم عن عمد, مثل تهمة البعثيين الصداميين وتهمة التعاون مع الارهاب وغيرها من التهم التي تؤجج الشارع السني. وما الاحداث الاخيرة التي تلت اعتقال بعض حماية وزير المالية السيد رافع العيساوي ألا دليلا على هشاشة العلاقة بين المكونين العربيين السني والشيعي. وفي المقابل يرى الشيعة ان بعض تظلمات السنة مبالغ فيها وأن موقفهم من الارهاب لا يبدو موحدا” وان حنين بعضهم للعهد الدكتاتوري السابق ما زال قويا.  وما لم تتم معالجة هذه المواضيع جذريا، يصبح التصدي للطموحات القومية الكردية امرا صعبا، وعلى السياسيين تحمل عواقب فشلهم في هذا المجال.

2.1-  الاهتمام بالاقليات بصورة عامة والاقليات فى المناطق المتنازع عليها بصورة خاصة. فما لم يتم شدهم الى الوطن وحمايتهم من المتطرفين فهم ينحازون الى الطرف الآخر. وهذه خسارة كبرى يجب تفاديها.

3.1- تشجيع الاكراد على البقاء ضمن وطنهم العراق الموحد، وفي نفس الوقت تحذيرهم من ان انفصالهم قد يؤدي الى دخولهم تحت الهيمنة التركية . أما المناطق المتنازع عليها فترحل وتحل سلميا وتدريجيا عند توفر الظروف المناسبة.

4.1- مضاعفة الجهد في بناء دولة المؤسسات الديمقراطية وتوفير الخدمات خاصة الكهرباء وتطوير البنى التحتية وتوسيعها وتنشيط القطاع الخاص، اضافة لتذليل العقبات امام الاستثمار الاجنبي وتشجيع السياحة خاصة الدينية منها وكذلك معالجة ظاهرة الفساد ورفع كفاءة الاداء الاداري والمهني. ومن شأن ذلك ان يؤدي الى تقوية روح المواطنة وتعزيز اللحمة الشعبية. ان قوة الحكومة المركزية تأتي من قدرتها على تحقيق انجازات اقتصادية وادارية وسياسية يحترمها الناس في الداخل والخارج. وخلافا لذلك يكون الموقف التفاوضي مع الإقليم ضعيفا.

2-     المحيط الاقليمي

1.2-           على الصعيد الاقليمي تبقى علاقة العراق بتركيا هي الاصعب . فالاتراك قد حزموا امرهم وانحازوا الى كردستان لدرجة بعيدة لاسباب يصعب فهمها. فهم يشجعون الاقليم لتحدي الحكومة المركزية من جهة، ومن جهة اخرى هم يقمعون الحركات الكردية التي تطالب بحقوق مشابهة لما يتمتع به اكراد العراق. والتفسير الوحيد لذلك هو ان الاتراك يرون امكانية الهيمنة المطلقة على الاقليم بعد استقلاله، نظرا لكونه محاصرا جغرافيا من جميع الجهات، وان بامكانهم تسخيره كيفما ارادوا، خاصة مساعدتهم  في ضرب الحركات الكردية المطالبة بحقوقها القومية في تركيا. والسؤال الذي يوجه الى تركيا هو ماذا لو فتحت ايران او العراق حدودها لكردستان مثلما تفتحه تركيا؟ والسؤال الآخر الذي يوجه الى الكرد هو ما هو خياركم، الهيمنة التركية ام البقاء فى وطنكم العراق؟. أنها لعبة جيوسياسية خطرة قد تخرج عن نطاق السيطرة. ان الستراتيجية تجاه تركيا لن تكون سهلة. وأن الإبقاء على شعرة معاوية معها امر لا بد منه على المدى المنظور، لحين إكمال الاستعدادات اللازمة للاستغناء عنها كليا.

2.2 – وتبقى ايران معضلة أخرى. فبعض الفئات السنية لها حساسية مفرطة ضدها بينما هي تتمتع بنفوذ كبير داخل بعض الأحزاب والكتل الشيعية. ولأنها محاصرة سياسيا واقتصاديا من قبل المجتمع الدولي بسبب برنامجها النووي، فانها ترى في العراق منفذا لا يمكن الاستغناء عنه. من جهة اخرى يرى بعض شيعة العراق ان ايران تشكل توازنا مفيدا للضغوط السلفية الوهابية المتطرفة القادمة من السعودية وقطر والمتهمة بتصدير الإرهاب الى العراق. وبذا تكون ستراتيجية التعامل مع ايران صعبة بدرجة لا تقل عن تلك المتعلقة بتركيا. والأفضل شراء الوقت لحين تنمية روح المواطنة لتحل محل المؤثرات الطائفية  وتكفل استقلالية القرار العراقي بشكل كامل.

3.2 – أن موقف الحياد تجاه ما يجري في سوريا لم يكن موفقا. وهو يعطي نموذجا للقرارات التي يصعب تطبيقها لبعدها عن الإجماع الوطني. وفي وضع هش مثل الوضع العراقي لا ينبغي ان تكون الستراتيجيات بعيدة عن الإجماع الوطني وإلا سوف تفشل في مبتغاها. وقد يكون من المفيد مراجعة ستراتيجية التعامل مع الوضع السوري المعقد بناء على التطورات الميدانية والدولية التي هي في صالح المعارضة المسلحة. عليه  فان الحياد العراقي المعلن قد لا يحقق النتائج المرجوة منه ما لم تتحسن العلاقة مع المعارضة السورية.

4.2 – بصورة عامة فشل العراق في سياسته الإقليمية  فشلا واضحا. إذ ليس له علاقات مرضية او متوازنة مع أي من دول الجوار الإقليمي. فعلاقتنا مع تركيا سيئة ومع ايران غير متوازنة ومع سوريا والسعودية صعبة ومع الاردن والكويت حذرة. وللإنصاف فان الأسباب لذلك لا يتحملها العراق وحده. فالدول العربية قد اختارت أن تبتعد عن العراق الجديد وتحاصره وتدعم عدم الاستقرار فيه. وهو خيار ستراتيجي خاطئ، تساهم تركيا فيه، ويصب في مصلحة ايران. ومن الغريب ان المثقفين العرب في معظمهم ما زالوا يفضلون دكتاتورية صدام على الوضع الجديد في العراق، في حين إنهم اكبر المتحمسين لثورات الربيع العربي. هذه مسألة محيرة تحتاج الى شرح من المثقفين العرب .

  1. الساحة الدولية

على الصعيد الدولي تشكل الولايات المتحدة الامريكية المحور الأهم في علاقات العراق الدولية. وهي حليف قوي لا ينبغي التفريط به لأي سبب، خاصة إذا أردنا التعامل مع القضية الكردية بنجاح. ويعلم الجميع ان الاقليم يطرق كل السبل، لخلق لوبي كردي مشابه للوبي الاسرائيلي في امريكا. وان التحركات الكردية في واشنطن، بقيادة أبناء المسئولين الكرد, معروفة لدى الحكومة المركزية والمتابعين. ومع أنهم احرار فيما يفعلون ولكن ليس من حقهم خلق المشاكل للعراق لأجل مطامحهم القومية، اذ من حق العراق عليهم ان يتعاملوا معه بشفافية وحسن نية وذلك بأن يكونوا صريحين حول نواياهم ويكفوا عن الادعاء بانهم يطبقون الدستور. فالدستور لم يقل أن لهم الحق في تحديد المناطق المتنازع عليها واستثمارها لصالحهم ومنع الجيش العراقي من دخولها. والدستور لم يقل ان لهم الحق بالانفراد في ادارة الثروة النفطية، والدستور لم يقل ان نظامهم رئاسيا وليس برلمانيا والدستور لم يقل ان التجارة عبر حدود الاقاليم هي من صلاحياتهم، والاهم  من ذلك ان الدستور لم يقل ان الاقليم هو دولة داخل دولة.

ولان بعض الحكومات تتعامل مع الاقليم كدولة مستقلة، فان الحكومة العراقية مطالبة بان يكون لها سياسة وستراتيجية واضحتين تجاه هذه الدول. وعليها ان تقول بصراحة ان تصرفهم مناف للأعراف الدولية ولا يخدم العلاقة والمصالح المشتركة بين الجانبين. وان أصرّوا على ذلك فعليها اتخاذ ما يلزم لحماية المصالح الوطنية العراقية.

  1. 4.            العامل النفطي

مع كونه لم يعد سبب الخلاف الرئيس بين المركز والاقليم، غير ان النفط يبقى الوسيلة الأهم لتحقيق الأهداف الستراتيجية للبلد. وقد خطى العراق خطوته الاولى عندما وقّع عقودا نفطية واسعة مع شركات نفطية عالمية معتبرة، بموجب دورتي التراخيص الاولى والثانية. وكان من شأن هذه العقود ان ترفع الطاقة الإنتاجية من حوالي 2 مليون برميل يوميا الى أكثر من 12,5 مليون برميل يوميا خلال مدة لا تزيد عن 6 سنوات, تنتهي عام 2015 . ألا إن تقدم العمل لحينه لا يوحي بأن الأهداف الإنتاجية ستتحقق في مواعيدها المخططة، وقد تتأخر لسنتين او ثلاث لأسباب عديدة منها هشاشة البيئة الاستثمارية المتعلقة بالأمن والبني التحتية والقوانين والأنظمة، وعدم وجود الإرادة الكافية لمعالجة المعوّقات الكبيرة مثل الفساد والروتين. والاهم هو غياب الكوادر المهنية القادرة على إدارة مشاريع بهذه الضخامة.

السؤال الذي ينبغي طرحه هو كيف يمكن الاستفادة من النفط في دعم الستراتيجية الوطنية المضادة للضغوط الداخلية والخارجية؟ وما هي الشروط اللازمة لتحقيق أفضل النتائج؟ هذه أسئلة تحتاج الى جواب مقبول. وقبل كل شئ يجب التأكيد ان الهدف هو ليس استعمال النفط كسلاح ضد الآخرين، إنما الاستفادة منه في تمتين المكانة الاقتصادية والسياسية للبلد مما يؤدي الى دعم الستراتيجية الوطنية، بشكل تلقائي.

وبالعودة الى الأسئلة اعلاه يجب التذكير ان الجدل حول مستوى الانتاج الامثل (optimum  ) ما زال قائما. فمن الناحية الفنية هناك من  يرى أن تحقيق معدلات انتاجية تزيد عن 12,5 مليون برميل يوميا، يفوق القدرة المكمنية وقد يؤدي الى تدهور في معامل الاستخلاص النهائي للمكامن النفطية. والرأي السائد من الناحية الاقتصادية هو ان هذه المعدلات تفوق الطلب في اسواق النفط الدولية، وان معدلات انتاجية بحدود 5,5-6 مليون برميل يوميا، منها حوالي 1-1,5 مليون برميل يوميا للاستهلاك المحلي، تفي بالحاجة من دون التأثير السلبي على اسعار النفط المستقبلية. بمعنى ان لا ضرورة  لان يكون العراق منتجا ترجيحيا وعليه ان ينتج كفايته فقط، اختزالا للكلفة التطويرية ومنعا لهبوط أسعار النفط نتيجة زيادة العرض على الطلب.

غير ان الحقيقة هي ان المستويات الانتاجية كانت قد حسمت منذ توقيع عقود جولتي التراخيص الاولى والثانية. ومن غير الممكن، لاسباب تعاقدية، تعديلها جذريا لتكون بحدود 6 مليون برميل يوميا بدلا من 12,5 مليون برميل يوميا اواكثر. ولكن قد يكون من الممكن مراجعة السقف الانتاجي لبعض العقود بحيث يصبح الهدف الانتاجي الكلي بحدود 10 مليون برميل يوميا بدلا  من 12,5 مليون برميل يوميا، حسب العقود الموقعة. وهذا ما تقوم به وزارة النفط حسب علمنا.

وجدير بالذكر ان تقرير وكالة الطاقة الدولية ( IEA ) الصادر تشرين أول 2012 تضمن سيناريو، سّماه وسطيا، يصل سقفه الانتاجي الى 6 مليون برميل يوميا عام 2020 يرتفع الى 8,3 مليون برميل يوميا عام 2035 . وهو بذلك يرضي طرفي الجدل حول معدلات الانتاج المستهدفة. أما السيناريو العال، فهو يستهدف 9مليون برميل يوميا عام 2020 يرتفع الى 10,5 مليون برميل يوميا عام2035، وهو الأقرب لخطط وزارة النفط عدا كونه بطئ” من ناحية التوقيت. وهذه الأرقام لا تشمل إنتاج كردستان المقدر بحدود500 – 800 الف  برميل يوميا عام 2020 ترتفع الى 1 – 1,2 مليون برميل يوميا عام 2035.

من ما سبق، يتبين أن خطط وزارة النفط الهادفة لتحقيق سقف إنتاجي بحدود 10 مليون برميل يوميا عام 2017/2018 توفر فائضا إنتاجيا يؤهل العراق لان يكون منتجا ترجيحيا كالسعودية، وبذلك يسهم في دعم الإستراتيجية الوطنية المضادة للضغوط الداخلية والخارجية.

لكن هذا المستوى الانتاجي لن يتحقق ما لم يتم اتخاذ ما يلزم لانجاز المشاريع التكميلية بدون تأخير. ومن أهم هذه المشاريع هي مشاريع حقن الماء ومشاريع أنابيب النقل ومستودعات الخزن وأرصفة التحميل، اضافة لمشاريع استثمار الغاز.

فبدون حقن الماء لا يمكن تحقيق السقوف الإنتاجية المستهدفة ولا حتى إدامة معدلات الإنتاج الحالية. وبدون وجود أنابيب نقل وأرصفة تحميل كافية لا يمكن تصدير النفوط المتوفرة. وللعلم فان التصاميم الهندسية لمشروع حقن الماء ما زالت في بدايتها ولن تكتمل قبل نهاية عام 2013. وعليه فان هذا المشروع الحيوي لن يكون جاهزا للعمل قبل عام 2017 او عام 2018 . والحال نفسه مع منظومة أنبوب التصدير المزمع بناءها عبر الاردن. فهي ما زالت في مرحلة التفاوض، ومن غير المتوقع انجازها قبل عام 2017/ 2018. كما سوف يستمر حرق  غاز مصاحب الى ما بعد اكمال مشاريع التطوير بمدة طويلة.

ان مشاريع بهذه الأهمية كان يجب ان تأخذ أولوية على جولتي التراخيص الثالثة والرابعة، وان يتم تهيئة عقودها بالتوازي مع عقود جولتي التراخيص الاولى والثانية.

بعد هذه الملاحظات، نستنتج الآراء التالية:

أولاً:     أن السقف الانتاجي البالغ 10 مليون برميل يوميا يبدو مقبولا من الناحيتين التعاقدية والفنية. فهو، من جهة، لا يبتعد كثيرا عن ما جاء في العقود الموقعة مع الشركات العالمية، ومن جهة اخرى، لا يعتبر تعسفيا بالنسبة للمكامن النفطية.

ثانياً:     تضمن تقرير وكالة الطاقة الدولية عن العراق بديلا (عاليا) بمرحلتين، الاولى زيادة انتاج النفط الى 9 مليون برميل يوميا عام 2020 وهو ليس بعيدا عن الخطط الموضوعة، والثانية رفعه الى 10,5 مليون برميل يوميا عام 2035 وهو بعيد عن الخطط المتعاقد عليها مع الشركات العالمية من ناحية التوقيت. ومن الواضح أن تأجيل المرحلة الثانية لغاية 2035 يمثل انحرافا إضافيا عن  العقود الموقعة، من شأنه ان يقلل من مصداقية وزارة النفط ان تم فرضه على الشركات.

ثالثاً:     ان توفير طاقة انتاجية بحدود 10 مليون برميل يومي يجعل العراق منتجا ترجيحيا اعتبارا من عام 2017/2018. وهذا قد يكون في غاية الفائدة. اذ من شأنه ان يعزز مكانة العراق اقتصاديا وسياسيا اضافة لكونه يسهم في استقرار سوق النفط العالمية مما ينعكس ايجابيا على نمو الاقتصادي العالمي، وبالتالي زيادة الطلب على النفط ومشتقاته.

رابعاً:    ان الإستراتيجية النفطية العراقية يجب ان لا تعوّل على إنتاج إقليم كردستان لأنه قد يخرج عن المجال الوطني العراقي. وان الصراع الحقيقي مع الاقليم لم يعد حول النفط، إنما حول الارض والمياه. وعلى الحكومة المركزية الانتباه لذلك واتخاذ ما يلزم للدفاع عن المصالح الوطنية العليا للبلد.

خامساً:  لم يبق ما يربط الاقليم بالعراق إلا القليل، ومن أهمه حصة الاقليم البالغة 17% من الميزانية الاتحادية. وسوف  تنتهي هذه الرابطة عندما يكتمل تشييد انبوب النفط  الكردستاني/ التركي عام 2015. وعندها يبدأ موسم اتخاذ القرارات المصيرية. فبالنسبة للاقليم عليه ان يحسم امره ويقرر ما اذا يبقى ضمن العراق او ينفصل ويدخل في الهيمنة التركية. وعلى العراق ان يحسب ثمن بقاء الاقليم معه او الانفصال عنه ويقرر موقفه بموجب ذلك.

سادساً:  أن العلاقات العراقية التركية يحددها الموقف التركي من كركوك والمياه. ومع وجود بعض الدلائل على انه منحاز الى إقليم كردستان (زيارة وزير خارجية تركيا لكركوك بدون تنسيق مع الحكومة المركزية) لكن لا يبدو ان الموقف التركي تبلور تبلورا واضحا لغاية الآن. وفي كل الأحوال على الحكومة العراقية التهيؤ لمراجعة علاقتها التجارية مع تركيا وبالأخص علاقاتها النفطية ومنها مصير أنبوبي تصدير النفط عبر الموانئ التركية وكيفية الاستغناء عنهما لصالح أنابيب جديدة عبر الأردن، وسوريا عندما يستقر وضعها.

*) خبير نفطي عراقي

شبكة الاقتصاديين العراقيين – 7/1/2013 – في حالة اعادة النشر يرجى الاشارة الى المصدر

iraqieconomists.net/ar/

 لتنزيل الملف بصيغة بي دي أف

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (2)

  1. Avatar
    دريد محمود:

    السلام عليكم
    هل يمكن المقارنة بين عقود شركات جولات التراخيص التى حصلت عليها الشركات الاوربية والصنية والروسية من ناحية كلف الانتاج
    شكرا
    مواطن

  2. فاروق يونس
    فاروق يونس:

    ابدء تعليقى بقصة طريفة مفادها كان ايشو طالبا فى متوسطة اربيل وكان ايشو كلما سائل معلم التاريخ عن اسباب سقوط الامبروطية الرومانية او الفارسية او العثمانية يرفع ايشو اصبعه ويقول استاذ السبب هو تدخل صغار القيسسة فى السياسة طبعا كان ايشو محقا بان الامراطورية الرومانية كان احد اسباب سقوطها التدخل الواسع لرجال الدين فى السياسة
    فى شباط 1963 حصل الانقلاب ضد جكومة عبد الكريم قاسم وغاب ايشو عن الدوام فى المدرسة وعندما سائل مدرس التاريخ طلبته اين ايشو ؟ اجاب الطلبة على الفور استاذ ايشو شيوعى وهو الان يعذب من قبل البعثيين
    قال مدرس التاريخ الان فهمت لماذا سقطت حكومة عبد الكريم قاسم السبب هو تدخل ايشو فى السياسة!
    لا ادرى ان كان ايشو حيا ليبصم على صحة هذه الواقعة التاريخية
    واليوم يتدخل اقتصادى كبير معروف فى المشكلة الكردية وكانها مشكلة عراقية وليست مشكلة عراقية ايرانية تركية سورية
    والغريب ان استاذنا الدكتور كامل قد توصل بما لديه من معلومات غير دقيقة بان اعتقال حماية وزير المالية العراقى رافع العيساوى وما تبعها من احداث ما هى حسب رايه الا دليلا على هشاشة العلاقة بين المكونيين السنى والشيعى كما يقول
    اخى واستاذى العزيز دكتور كامل ما علاقة وزير المالية بالمذهبية السنية هل يمثل هذا الرجل ابو حنيفة والشافعى وابن حنبل والمالكى ؟ ثم انك تتحدث عن القضية الكردية وكنها قضية عراقية وحسب لا سيدى الفاضل انها قضية شعب موزع بين العراق وتركيا وايران وسوريا وهذا الشعب يطالب بحق تقرير المصير وليس الانفصال عن العراق وتكوين دولة مستقلة بل تكوين دولة كردية تضم كل اراضى كوردسنان فى العراق وتركيا وايران وسوريا على ان تحقيق هذا الحلم ليس سهلا ويتطلب ان يحصل الشعب الكوردى على حق تقرير مصيره فى ارض كوردستان
    الا رحمة الله على من مكننى للكتابة الى زميلى وصديقى الدكتور فرهنك جلال الذى انبرى للدفاع عن قومنا الكورد نعم اعترف د فرهنك بانه لا يتدخل بالسياسة ولكنه ذكر حقائق دامغة بعد خراب البصرة كما يقال اخى فرهنك كنا نعمل معا من اجل اقامة صناعة وطنية وتشجيع الاستثمار فى القطاع الصناعى الخاص وكنت انا متهما بانى نصير الصناعة فى وزارة التجارة بسببك انت الذى كنت مندفعا فى حماية الصناعة الوطنية فما الذى تغير ؟ ما هذا الاندفاع المفاجىء نحو الامور السياسية ؟
    ارجو من استاذى فرهنك جلال ان يكتب عن تجربته الطويلة فى مجال التنمية الصناعية فى العراق بدلا من اضاعة الوقت فى بحث امور معروفة فيكون مثله مثل ذلك الشاعر الذى يقول
    كاننا والماء من حولى
    قوم جلوس حولهم ماء
    مع الاعتذار لاستاذى الدكتور كامل المهيدى
    ارجو مخلصا نشغل
    الى زميلى وصديقى الدكتور فرهنك جلال الذى انبرى للدفاع عن قومنا الكورد

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: