الكهرباء والطاقة المتجددة

د كريم وحيد: الجامعة العربية واحياء مشروع الربط الكهربائي العربي

كريم وحيد

يعد خبراء الطاقة بان مشروع الربط الكهربائي العربي هو خارطة طريق للاتحاد العربي للكهرباء لأعتماد أستراتيجيات تمكن مؤسسات الكهرباء العربية  من تنويع واستثمارأكبر لمصادر الطاقة المتوفرة من النفط والغاز  . وكذلك لتنمية الصلات بين دول الربط الكهربائي وتطويرها في قطاعات انتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها دول الربط. حيث اصبح التوسع في مشاريع الربط الكهربائي محط اهتمام دول عديدة لمواجهة الزيادة المستمرة في استهلاك الطاقة الكهربائية وباستثمارات منخفضة.

ان تخفيض الاستثمارات في مؤسسات الكهرباء يتم من خلال تقويم الجدوى الاقتصادية من بناء محطات انتاج الطاقة الكهربائية في دول الربط الكهربائي عند توفر مصادر الوقود وتنوعه، وتوفر المصادر التشغيلية الاخرى من مياه وتهيئة الكادر الفني البشري المتخصص، وذلك لتجنب الازدواجية في تكاليف إنشاء المحطات الجديدة واﺴﺘﺜﻤﺎرات مشاريع ﻨﻘﻝ اﻟطﺎﻗﺔ الكهربائية في دول الربط الكهربائي، اضافة الى العوائد الفنية التشغيلية من تجهيز ﻠﺤظــﻲ تعويضي للطاقة الكهربائية في حالات الطوارئ ﻋﺒـر ﺸــﺒﻛات اﻟــرﺒط الكهربائي لتفادي اﻻﻨطﻔــﺎء اﻟﻛﺎﻤــﻝ أو اﻟﺠزﺌـﻲ للمنظومة الكهربائية أﺜﻨــﺎء اﻟﺤــوادث اﻟﻛﺒﻴرة، الذي سيجنب حدوث ﺨﺴـﺎﺌر اﻗﺘﺼـﺎدﻴﺔ ﻛﺒﻴـرة ﻓﻲ ﺤﺎلة المنظومات الكهربائية غير المرتبطة.  اضافة الى تخفيض القدرات الاحتياطية المؤسسة في منظوماتها الكهربائية من خلال استثمار اﻟﺴﻌات اﻟﻔﺎﺌﻀﺔ ﻓﻲ منظوماتها بسبب التفاوت في فترات الحمل الاقصى اليومي او الفصلي او السنوي ﻟلطﺎﻗﺔ الكهربائية ما ﺒﻴن هذه الدوﻝ.

ﻟذلك أوﻟت بعض اﻟدوﻝ اﻟﻌرﺒﻴﺔ، وﻤﻨذ منتصف اﻟﻘرن اﻟﻤﺎﻀﻲ، اﻫﺘﻤﺎﻤﺎ ﻛﺒﻴرا ﻟﻤشاريع اﻟرﺒط اﻟﻛﻬرﺒﺎﺌﻲ، لإدارﻛﻬﺎ ﻟﻠﻌواﺌد اﻻﻗﺘﺼﺎدﻴﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ المتأتية ﻤن ﺨﻼﻝ رﺒط منظوماتها اﻟﻛﻬرﺒﺎﺌﻴﺔ.  وانطلقت بعدها دعوات خبراء ومسؤولين لزيادة التعاون في مجال الربط الكهربائي بين الدول العربية ولإنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء لربط المنظومات الكهربائية ليضم في عضويته تسعة عشر بلدا عربيا متجاورا، وليصبح محورا أساسيا في مشروع الربط الكهربائي العربي وجزءا من مشروع التكامل الاقتصادي العربي.

 

ويعد الخبراء ان مشروع الربط الكهربائي العربي هو خارطة طريق للاتحاد العربي للكهرباء لاعتماد استراتيجيات تمكن مؤسسات الكهرباء العربية من تنويع واستثمار أكبر لمصادر الطاقة المتوفرة من النفط والغاز ولمصادر الطاقة المتجددة المتاحة فيه.  وكذلك لتنمية الصلات بين دول الربط الكهربائي وتطويرها في قطاعات انتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها دول الربط.  إذ ان الطاقة الكهربائية تلعب دورا كبيراً في تحريك عجلة الاقتصاد، خاصة ان اقتصاديات الدول النامية، ومنها الدول العربية، لا يعتمد فيها استخدام الطاقات الاستراتيجية البديلة مثل الطاقة النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية والطاقات الجديدة والمتجددة، التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة ومؤهلات تشغيلية متطورة لا توفر في الدول العربية.  مع العلم بأن التقديرات تشير إلى أن الطلب على الكهرباء في المنطقة العربية سيزيد بنسبة 84% في عام 2020، وهذا سيتطلب بناء قدرات انتاجية اضافية مقدارها 135 ألف ميغاوات باستثمارات بقيمة 450 مليار دولار.  في حين ان مشروع الربط الكهربائي العربي سيخفض حاجة القدرات الاضافية من 135 ألف ميغاوات إلى 102 ألف ميغاوات، مما يعني انخفاضا كبيرا في كلف الاستثمارات المطلوبة.

إن مشروع الربط الكهربائي العربي بدأ بمشاريع متفرقة وثنائية منذ خمسينيات القرن الماضي في دول المغرب العربي (تونس، الجزائر، المغرب)، وفي السبعينيات بين سوريا والاردن وسوريا ولبنان.  وفي نهاية ثمانينات القرن الماضي انطلق مشروع الربط الكهربائي الثماني الذي يضم (مصر، العراق، الاردن، سوريا، تركيا، لبنان، فلسطين، ليبيا).  ان هدف مشروع الربط الكهربائي العربي هو ربط ثلاثة مشاريع شبكات كهربائية عربية موحدة هي (مشروع الربط الكهربائي الثماني ومشروع ربط دول مجلس التعاون الخليجي ومشروع ربط دول المغرب العربي).  ويعد مشروع الربط الكهربائي الثماني من اهم مشاريع الربط الكهربائي العربي، كونه يمثل ﺤﻠﻘﺔ اﻟوﺼﻝ ﺒﻴن مشروعي الربط الكهربائي لدوﻝ مجلس التعاون الخليجي ودوﻝ اﻟﻤﻐرب اﻟﻌرﺒﻲ، ويمثل اﻟطرﻴق لربط شبكة دول مجلس التعاون اﻟﺨﻠﻴجي بشبكة أوروﺒﺎ.  لقد بدأ المشروع كربط خماسي بين مصر والعراق والأردن وسورية وتركيا، ثم انضمت إليه لبنان لاحقاً، ليصبح الربط سداسياً، ثم انضمت إليه بعد ذلك كل من ليبيا وفلسطين، ليصبح ثمانياً.  ولازالت بعض مراحل المشروع متوقفة، الخاصة بربط شبكة الجانب التركي مع شبكة الربط في العراق وسوريا، بالرغم من تنفيذ التزاماتهما التعاقدية الفنية لشبكات الربط، وذلك بسبب الوضع السياسي الاقليمي والاحداث الامنية في كل من سوريا والعراق، اضافة الى تعذر الجانب التركي فنيا من ربط المنظومتين الكهربائية السورية والعراقية توافقيا مع المنظومة التركية خاصة بعد انضمام تركيا الى مجموعة مشغلي الشبكات الأوروبية ENTSO-E واعتماد المواصفات التشغيلية الاوربية في الشبكات الكهربائية المترابطة.  وكذلك توقف تشغيل الربط التوافقي بين منظومتي مصر وليبيا ايضا بسبب الوضع السياسي والامني في ليبيا وتوسعته بالرغم من انتهاء دراسات الجدوى الخاصة ليكون مؤهلا لمواصفات مشروع الربط الكهربائي الثماني.  اما مشروع ربط دول مجلس التعاون الخليجي، فانه يتكون من ثلاث مراحل تضم المرحلة الاولى ربط الشبكات الكهربائية لكل من دول الكويت والسعودية والبحرين وقطر والمرحلة الثانية ربط الشبكات الكهربائية لكل من دول الامارات العربية المتحدة وعمان والمرحلة الثالثة يتم فيها ربط المرحلتين الاولى والثانية.  وبذلك ستكون دول مجلس التعاون الخليجي جميعها مرتبطة بشبكة كهربائية موحدة لتبادل الطاقات المنتجة تجاريا وبسعة متاحة قدرها 3027 ميغاواط، حيث ستساهم في النمو الاقتصادي والاجتماعي لدول مجلس التعاون، ليصبح مشروع الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي من المشاريع العملاقة في الشرق الاوسط، حيث تقدر استثمارات المشروع بحدود 3 مليار دولار يتم تمويلها من خلال مشاركة مؤسسات الكهرباء لدول مجلس التعاون بنسبة 35% بينما يساهم القطاع الخاص بالنسبة المتبقية.  ويتكون مشروع ربط دول المغرب العربي من مرحلتين.  المرحلة الاولى تتم بربط شبكة الكهرباء الليبية بشبكة الكهرباء التونسية، حيث أنجزت الأعمال الفنية والتشغيلية في نهاية عام 2005، وتم فصل المنظومتين الكهربائيتين عن بعضهما بسبب الاحداث الامنية والسياسية في ليبيا عام 2011.  وضمت المرحلة الثانية انجاز خط الربط بين دولتي تونس والجزائر في عام 2011، وانجاز خط الربط بين دولتي الجزائر والمغرب في عام 2009.

إن ظروف المنطقة العربية غير المستقرة امنياً، خاصة في منطقة دول مشروع الربط الثماني، ولوجود تقاطعات سياسية بين بعض دول الربط، ادى الى تجميد العمل بمراحل اكماله ومراحل ربطه مع مشروعي الربط لدول مجلس التعاون الخليجي ولدول المغرب العربي.  ولذلك اضطرت بعض دول مشروع الربط الكهربائي الثماني باستحداث ربط ثنائي بين شبكتي مصر والسعودية كبديل، اضافة الى جدوى المشروع الفنية والاقتصادية بسبب الاختلاف في مواعيد حمل الذروة في الطلب على الطاقة الكهربائية بين البلدين، حيث سيوفر المشروع استثمارات بقيمة ثلاثة آلاف ميغاواط، على الرغم من كونه ليس جزءا من خارطة الربط في مشروع الربط العربي، التي تم استعراضها خلال رئاستي للمجلس الوزاري لوزراء الطاقة والكهرباء العرب في الجامعة العربية، والتي اعتمدت اساسا على الدراسات الفنية والاقتصادية لمشروع الربط الكهربائي العربي.

ان مشروع الربط الكهربائي العربي يتشكل من ربط شبكة مجلس التعاون الخليجي مع شبكة الربط الثماني من خلال ربط شبكتي الكويت والعراق الذي يمثل محور الربط الشرقي لمشروع الربط الكهربائي العربي وثم الى اوروبا من خلال الشبكة الكهربائية التركية المرتبطة حاليا مع الشبكة الكهربائية الاوربية الموحدة.  ويمثل محور الربط الغربي ربط شبكتي المغرب واسبانيا المرتبطة اساسا مع الشبكة الكهربائية الاوربية الموحدة.  ان اكمال تنفيذ مشروع الربط الكهربائي العربي سيؤدي تلقائياً الى استحداث سوق طاقة عربي اسوة بأسواق الطاقة العالمية المتآلفة مع اسواق البورصة المالية.  ان سوق الطاقة العربي سيشجع رؤوس الاموال العربية الكبيرة بالاستثمار في هذا القطاع بدلا من تبديدها في استثمارات خارجية غير مضمونة الاسترجاع.  واشرت دراسات البنك الدولي بان التبادل التجاري الحالي للطاقة الكهربائية بين الدول العربية خجول ومحدود ولا يتجاوز عن نسبة 2% من السعة الانتاجية المتاحة للمنظومة الكهربائية العربية، وهذا يعنى أن المنطقة العربية هي الأقل تكاملا على صعيد التبادل التجاري للطاقة الكهربائية على مستوى العالم.  ان هناك أسباب عدة لمحدودية التبادل التجاري للطاقة الكهربائية بين الدول العربية، اهمها ضعف الاستثمارات في قطاع انتاج الطاقة الكهربائية في المنطقة العربية كونها تشهد اضطرابات سياسية متصاعدة خاصة في بعض دول مشروع الربط الكهربائي الثماني، مما أدى إلى تأخر كبير في التوسع في بناء محطات انتاج جديدة للطاقة الكهربائية ولإنشاء منظومات متطورة لشبكات نقل الطاقة الكهربائية.

ان الدول العربية اليوم امام تحديات كبيرة، سياسية اقليمية واقتصادية ومن ضمنها قطاع الطاقة الكهربائية وعليه لابد من تنسيق الجهود العربية لتلبية احتياجات الدول العربية من الطاقة الكهربائية، من خلال تشجيع وجذب الاستثمارات العربية لمواجهة النمو السنوي المرتفع في الطلب على الطاقة الكهربائية.  وكذلك بدعم وتسريع تنفيذ الاتفاقيات الفنية والاتفاقيات التجارية الموقعة لتبادل الطاقة الكهربائية بين دول مشروع الربط الكهربائي العربي.  إن اعلان الدعوة الى قيادات الدول العربية والجامعة العربية بتفعيل مشروع الربط الكهربائي العربي سيساهم في توطيد العلاقات السياسية بين الدول العربية واذابة الخلافات ومواجهة التحديات والمباشرة بتنفيذ مشروع التكامل الاقتصادي العربي وتحقيق الامن القومي للطاقة.

(*) وزير الكهرباء العراقي الاسبق

حقوق النشر محفوظة لشبكة الاقتصاديين العراقيين. يسمح بأعادة النشر بشرط الاشارة الى المصدر. 20/12/2016

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (3)

  1. Avatar
    عصام الخالصي:

    لايمكن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين تقديم اية حسابات جدوى اقتصادية او فنية تبرر مشروع الربط الكهربائي العربي الذي طرحت فكرته في حينه من منطق وحسابات منتصف القرن العشرين الماضي.
    التطورات التي مرت بها صناعة توليد الكهرباء في هذه الفترة والصناعات التي ترتبط بها يجعل الموضوع اكاديمي والتكلم عنه للتاريخ فقط.

  2. Avatar
    farouk younis:

    دكتور ليس هناك ما يسمى الجامعه العربيه نعم لدينا مجلس تعاون الخليج العربى. ارجو اعاده البحث في مقالكم

  3. Avatar
    مصطفى:

    سيدي الكريم .. فقط لو تحقق ربط العراق بالشبكه الاوربيه فهذا حلم طالما تمنيت ان يتحقق .. اما اذا ربط الخليج باوربا عن طريق العراق فهذا شي يفوق الخيال ترى هل يمكن تحقيقه وهل يحصل العراق على طاقه شبه مجانيه تدعم الصناعه بدل التخبط الحكومي الذي لا نعرف الى اين سوف ينتهي !!!

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: