الرئيسيةقطاع التأمين الوطني والاجنبي

مصباح كمال*: وثيقة التأمين من منظور مختلف

(1)

يُورد المحامي بهاء بهيج شكري تعريفًا طويلًا لوثيقة التأمين Policy نقتبس منه ما يلي:

 

يشير هذا المصطلح إلى الوثيقة التحريرية المثبتة لقيام عقد التأمين بين طرفيه، والمتضمنة كافة شروطه.  فمن المتفق عليه بين شرّاح عقد التأمين، أن هذا العقد لا يمكن إثباته بالقرائن أو البينة الشخصية، وأن الكتابة هي الوسيلة الوحيدة لإثباته.  وقد أكدت أغلب التشريعات المتعلقة بعقد التأمين وجوب تنظيم هذا العقد كتابة.  فنصت المادة الثانية من قانون شركات الضمان (السيكورتا العثماني-العراقي) على أن (تعهدات الضمان يقتضي أن تكون خطية على كل حال، ويجب أن يحتوي صك الضمان (أي البوليصة) على …)[1]

 

إن الفهم السائد لوثيقة التأمين، أو البوليصة أو بوليصة التأمين، هو أنه عقد contract، عقدٌ للتأمين، أو بالأحرى دليل أو إثبات على عقد التأمين evidence of contract من وجهة النظر القانونية الصرفة باعتبار وجود عناصر أخرى تدخل في تكوين العقد كاقتران الإيجاب بالقبول وما يرافق ذلك من كشف للمعلومات الجوهرية من قبل طرفي العقد، ونية الطرفين من التعاقد وتوقعات كل منهما من الآخر، وهذه تساهم في تكوين العقد التأميني.  هذه هي النظرة الكلاسيكية لعقد التأمين: اتفاق بين طرفين تجد ترجمتها في نص وثيقة التأمين دون اعتبار لمؤثرات أو قيود على التأمين ليس أقلها الإشراف والرقابة.[2]

 

إن الملاحظ على وثيقة التأمين أنه يفصح عن عقد ذو طابع فني technical وفيه شيء من التعقيد، ولهذا السبب بالذات تنشأ ضرورة تدخل الرقابة، مُنظم نشاط التأمين لسببين.  الأول، ضمان عدم الإساءة إلى جمهور المؤمن لهم المرتقبين من خلال شروط تعاقدية غير منصفة (شروط تعسفية) إذ أن نصوص وثائق التأمين القياسية standard policies مُعدّة سلفًا من قبل شركة التأمين، ولذلك يوصف عقد التأمين بإنه عقد إذعان.[3]  والثاني، لضمان الملاءة المالية لشركات التأمين للحيلولة دون تورطها في الاكتتاب بأخطار الممتلكات والمسؤوليات، تحت ضغط المنافسة، التي تتجاوز أقيامها طاقتها الاكتتابية (رأس المال، الاحتياطيات، إعادة التأمين) وبالتالي فشلها في تعويض المؤمن لهم.[4]

[1] بهاء بهيج شكري، المعجم الوسيط في مصطلحات وشروط التأمين-إنجليزي عربي، الجزء الثاني (عمان: دار الثقافة، 2016)، 348-350.

 

[2] ترجع خلفية هذه الورقة إلى قراءتي للورقة التالية:

Stempel, Jeffrey W., “The Insurance Policy As Social Instrument and Social Institution” (2010). Scholarly Works. Paper 6. http://scholars.law.unlv.edu/facpub/6

وقد استلهمت بعض أفكارها في كتابة ورقتي.

 

[3] إن هذا التوصيف لا ينطبق على نص وثيقة التأمين التي تتقدم بها الشركات الصناعية والتجارية الكبيرة مباشرة أو من خلال وسطاءها للتفاوض على شروط وأسعار التأمين مع مكتتبي شركات التأمين، وهي التي تعرف بوثائق التأمين المخطوطة manuscript insurance policy، ويمكن وصف مثل هذه العلاقة بأنها قائمة على صفقة bargaining بين طرفي العقد. أنظر:

David L. Bickelhaupt, General Insurance, (Homewood, Illinois: Richard D. Irwin, 1983), p 102-103.

 

[4] إيرنست بالتينسبيغر، بيتر بومبيرغر، أليساندرو لوبا، بينو كيللر، اقتصاديات التأمين، ترجمة: تيسير التريكي ومصباح كمال (بيروت: منتدى المعارف، 2014)، وخاصة الفصل الخامس: الرقابة الخاصة بالملاءة المالية، ص 75-118.

لمواصلة القراءة انقر على ارابط التالي لتحمل البحث كملف بي دي أف

Misbah Kamal-Policy Forms- Reflections-IEN

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

تعليقات (1)

  1. A Perspective on the Insurance Policy | Iraq Insurance Monitor:

    […] مصباح كمال*: وثيقة التأمين من منظور مختلف – شبكة الاقتص… […]

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: