الاقتصاد العراقي الكلي

د. سلام سميسم: انخفاض سعر النفط الاخير – بداية انهيار يهدد الاقتصاد العراقي ؟

يقصد بسعر النفط : سعر خام غرب تكساس الوسيط (الخام الخفيف المتداول في بورصة نيويورك التجارية أو مزيج برنت المتداول على بورصة انتركونتيننتال)، سعر برميل من النفط يختلف من مكان لآخر اعتمادا على عدة عوامل، مثل الثقل النوعي و مكان استخراجه و المحتوى الكبريتي.وبصورة  عامة يعتمد الطلب على النفط اعتمادا كبيرا على نمو الاقتصاد العالمي، وهو ما يلخصه بعض الاقتصاديين:  أن ارتفاع أسعار النفط لها أثر كبير سلبي على النمو العالمي.

أوضح تقرير لمنظمة أوبك أن هبوط الأسعار أكثر من 20 دولارا للبرميل منذ نهاية حزيران (يونيو) يعكس ضعف الطلب ووفرة المعروض، في ذات الوقت الذي يتفق مع رؤية الأعضاء الخليجيين الرئيسيين في المنظمة بقوله إن الطلب في الشتاء سينعش السوق.

وأضاف التقرير الصادر من مقر المنظمة في فيينا أنّ هذه الزيادة في الطلب ستؤدي إلى ارتفاع مشتريات المصافي من الخام ومن ثم تدعم سوق النفط الخام أيضا في الأشهر المقبلة. ومن المقرر أن تعقد المنظمة اجتماعا في تشرين الثاني (نوفمبر) في فيينا لتحديد سياستها الإنتاجية للأشهر الأولى من العام المقبل 2015م.

وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أعلنت أن الطلب العالمي على النفط يتباطأ بوتيرة ملحوظة بفعل تعثر اقتصادات أوروبا والصين، بينما تشهد الإمدادات زيادة مطردة، لاسيما من أميركا الشمالية. وأصدرت الوكالة تقريرها الشهري الذي جاء فيه: التباطؤ الحاصل لنمو الطلب في الفترة الأخيرة جدير بالملاحظة، وخفضت توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2014 و 2015.

وأورد التقرير أن الصراعات الملتهبة في العراق وليبيا مستمرة بلا هوادة وأثرها على توازن سوق النفط العالمية والأسعار مازال محدوداً وسط نمو ضعيف للطلب على النفط ومعروض وفير. ووفق الوكالة فإن نمو الطلب في الربع الثاني تراجع إلى أدنى مستوياته في سنتين ونصف سنة.

وأشارت الوكالة إلى أن اقتصادات منطقة اليورو تكافح الركود بالفعل وتقترب على نحو خطير من انكماش الأسعار. مبعث الخطر أن يطلق تراجع الأسعار الأوروبية دوامة انكماش تؤدي إلى مزيد من التراجع في النشاط الاقتصادي مع قيام المتعاملين بتأجيل قرارات الاستثمار أو الشراء

بعد ان حذر معظم الاقتصادين من خطر انخفاض سعر بيع برميل النفط الخام، اصبح الانخفاض اليوم حقيقة ، اذ انخفض سعر البرميل من 105$ الى 90$ خلال ثلاثة اشهر، اي انخفض 15 $ دولار للبرميل الواحد. : وكما يعلم كل العراقيين بأن مورد العراق الوحيد (94%) هو النفط، فهذا يعني انخفاض كبير في مورد العراق. فكانت وزارة المالية تعد الموازنة على اعتبار سعر البرميل 95 $ فعليهم اليوم اعادة النظر بسعر بيع البرميل. اول من سيتصدى لهذا الانخفاض ستكون منظمة اوبك ولكن ليس في جعبة اوبك الكثير من الخيارات سوى تخفيض كمية النفط المصدر. هذا الخيار سيئ ايضاً للعراق فنحن بحاجة لضخ اكبر كمية ممكنة لسد العجز في الموازنة ودفع مرتبات الموظفين الحكوميين واسترجاع ما سرق وهدر خلال الثمانية سنوات الماضية. : الخيارات المتاحة امام الحكومة العراقية ليست بالجيدة ولكن علينا ان نبدأ ببناء اقتصاد جديد بالاعتماد على الصناعة والزراعة والسياحة والتجارة من دون الاتكال على بيع النفط. توقعاتي لعام 2015 ان يصدر العراق حوالي 2.4 مليون برميل وبسعر 85 $ دولار للبرميل مما يعني مجموع الموازنة لا يتعدى الـ 74 $ مليار دولار ثم ندفع %5 منها كتعويضات لحرب الكويت و%17 لأقليم كوردستان. لذا على وزارة التخطيط والمالية البدأ باعادة النظر بالكم الهائل من الموظفين الحكوميين الذي يقدر عددهم بـ 4.5 مليون موظف حيث إن العراق لا يحتاج الا الى حوالي 750 ألف موظف. : على الحكومة ايضاً، البدأ بتحويل العراق من الاقتصاد المركزي الى الاقتصاد الحر وهذا يعني سحب الحكومة يدها من القطاع الصناعي والزراعي والسياحي وحتى الخدمي. عليهم النظر بجدية في خصخصة المصانع الحكومية الراكدة وخصخصة قطاع النقل (طيران وسكك ونقليات) وفسح المجال امام رأس المال الاجنبي في الاستثمار في قطاع الزراعة على مستوى مئات الدوانم من المزارع. على الدولة النظر بجدية في تحويل الـ 18 محافظة الى 18 أقليم لكي تبدأ الاقاليم بالاعتماد على نفوسها بتوفير الخدمات واستقطاب الاستثمارات. وعلى وزارة النفط الاستثمار في بناء مصانع تكرير النفط الخام وبيع مشتقات النفط كالبنزين والكازأويل لأن ارباحه اضعاف بيع النفط الخام. : سيكون عام 2015 عام مليئ بالتحديات الاقتصادية والامنية والسياسية

ان الرسم البياني الموجود أدناه والذي اقتبسناه من مداخلة الدكتور كامل مهدي في المنتدى الحواري لشبكة الإقتصاديين العراقيين بتاريخ 11/10/2014  يبين أن سعر النفط مقيما بالذهب يتقلب بشدة ولم يعد مستقرا منذ أواخر الستينات حيث تزامن ظهور سوق نفطية حقيقية وثم إنهيار بريتون وودز. وهذا يدل على أهمية السوق الحقيقية للنفط التي تخضع لعوامل العرض والطلب الحقيقيان وللعوامل والقرارات السياسية ولا يمكن الجزم بأن تقلبات أسعار النفط والإنخفاض الأخير هي مجرد إستجابة لتقلبات الدولار، بل هناك دلالات على العكس. طبعا التقلب الشديد في أسعار النفط مقيما بالذهب ناجم عن تقلب سعري كلا السلعتين، لكن ذلك يبين أيضا أن علاقتهما بسعر صرف الدولار ليست علاقة عكسية بسيطة كما فهمها البعض

رسم بياني رقم (1)

Gold to Oil Ratio Historical Chart

Gold to Oil Ration (Barrels per Once)

المصدر :

 http://www.macrotrends.net/1380/gold-to-oil-ratio-historical-chart

هذه ضربة كبيرة للاقتصاد العراقي تعدل الى “التداعيات عل الاقتصاد العراقي”

مع وجود التهديد اﻻمني و استنزاف الموازنة العراقية وتوجيه اﻻنفاق العام نحو اﻻنفاق العسكري و متطلبات الحياة العسكربة و مشاكل النازحين و التهجير العرقي و ما ترتب عليها من تغيرات تمس تركيبة الموازنة و شرائحها من قطاعات تتعلق بحياة المواطن العراقي مباشرة من خدمات الصحة و التعليم و البطاقة التموينية  و التي اقتضت بمجموعها الخروج عن السياق المعتاد و مع فوضى القرار الاقتصادي و غياب اقرار الموازنة العامة لعام 2014 و ما قوبلت من تهاون من الجهات ذات العلاقة التي اندرجت الى صراعات الصلاحيات و السلطات المفقودة ….. هذا كله ادى الى ارباك كبير اوقع الاقتصاد العراقي في متاهة كبيرة …. لا زلنا في بدايتها.

 اذن فوجود  هذه المؤثرات يمكن ان تتلخص بهكذا ضغطين يؤثران سلبا على الموارد اﻻقتصادية وهما:

اوﻻ: انخفاض سعر النفط

ثانيا: استمرار و  تزايد الانفاق العسكري

فان ذلك و مع وجود الهيكلة اﻻدارية الحالية للمؤوسات الحكومية عامة و العسكرية على وجه الخصوص فان النتائج السلبية المتوقعة كييرة

اول هذه النتائج المتوقعة هو انخفاض حجم اﻻحتياطي النقدي و المالي  الموجود لدى الحكومة العراقية، و الامر الثاني هو

الركود و اﻻنكماش المتوقع والذي سيتعكس بكل تاكيد على المستوى المعاشي للفرد العراقي

اما والحال هذه فاننا نواجه متطلبات جديدة و تحديات قد لاتكون في مخيلة اي منا، كما اننا في ذات الوقت لسنا مخيرين في مجباهتها بل ان مسؤولية المواطنة و الانتماء لهذا البلد تحتم على كل ذي علاقة ان يتصدى لمسؤولية الحلول و المعالجة.

هنالك بعض الاجراءات الاقتصادية التي علينا التفكير بها بطريقة تعزز الحاجة للاصلاح و الانقاذ من جهة و على ايجاد الحلول المنطقية اقتصاديا للتوجهات التي تواجه العراق:

– اعادة النظر في حجم الوظائف العامة اوﻻ و ﻻسيما الدرجات الخاصة

– تخفيض بنسبة 50% لرواتب البرلمانيين و الوزراء و المستشارين و كذلك التخفيض الفعلي و الجاد للامتيازات و المنافع اﻻجتماعية

– فتح الباب امام القطاع الخاص لتولي المسؤوليات اﻻقتصادية بدرجة اكثر فاعلية و هو في هذه الحالة يخفف من العبء الاقتصادي الملقى على كاهل السلطات العامة من جهة و من جهة اخرى يوفر فرصا للتشغيل و لتحريك الاقتصاد.

– اعادة النظر في السياسة النقدية و تخصيصا في سياسة مزاد العملة اليومي المقام من قبل البنك المركزي

(*) خبيرة وباحثة إقتصادية

الاراء الواردة في كل المواد المنشورة على موقع شبكة الإقتصاديين العراقيين لاتعبر بالضرورة عن رأي  هيئة التحرير وانما عن رأي كاتبها فقط وهو لوحده يتحمل المسؤولية العلمية والقانونية

الاراء المطروحة في جميع الدراسات والابحاث والمقالات المنشورة على موقع الشبكة لاتعكس بالضرورة وجهة نظر هيئة تحرير الموقع ولا تتحمل شبكة الاقتصاديين العراقيين المسؤولية العلمية والقانونية عن محتواها وانما المؤلف حصريا. لاينشر اي تعليق يتضمن اساءة شخصية الى المؤلف او عبارات الكراهية الى مكون اجتماعي وطائفة دينية أو الى اي شخصية أو مؤسسة رسمية او دينية

التعليق هنا

%d مدونون معجبون بهذه: